أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وءاله وصحبه وسلم وبعد،

أَقَلُّ سِنّ الحَيْضِ تِسْعُ سِنِيْنَ قمريةٍ تَقْرِيْباً وَأَقَلُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً بِلَيَالِيْهَا كَأقلِّ طُهْرٍ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ وَلاَ حَدَّ لأَكْثَرِهِ وَحَرُمَ بِهِ وَبِنفَاسٍ مَا حَرُمَ بِجَنَابَةٍ وَعُبُورُ مَسْجِدٍ خَافَتْ تَلْوِيْثَهُ وَطُهْرٌ عَنْ حَدَثٍ وَصَوْمٌ، وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ وَمُبَاشَرَةُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَطَلاَقٌ بِشَرْطِهِ، وَإذَا انْقَطَعَ لَمْ يَحِلَّ قَبْلَ طُهْرٍ غَيْرُ صَوْمٍ وَطَلاَقٍ وَطُهْرٍ وَالاسْتِحَاضَةُ كَسَلَسٍ فَلاَ تَمْنَعُ مَا يَمْنَعُهُ الحَيْضُ فَيَجِبُ أَنْ تَغْسِلَ مُسْتَحَاضَةٌ فَرْجَهَا فَتَحْشُوْهُ فَتَعْصبُهُ بِشَرْطِهِمَا فَتَطَّهَّرُ لِكلِّ فَرْضٍ وَقتَهُ وَتُبَادِرُ بِهِ وَلاَ يَضُّرُ تأخِيْرُهَا لِمَصْلحَةٍ كَسَتْرٍ وانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ، وَيَجِبُ طُهْرٌ إنِ انْقَطَعَ دَمُهَا بَعْدَهُ أَوْ فِيهِ لا إنْ عَادَ قَرِيْباً.

قال المؤلف رحمه الله: أقلّ سنّه تسعُ سنيَن قمرية تقريباً.

الشرح: أقل سنّ الحيض تسعُ سنين قمرية تقريبًا، تقريبًا معناه لو نقَصَ قليلاً عن تسع سنين يعدُّ حيضًا، أي إن نقص عمرها عن تسع سنين نحو عشرة أيام أو خمسَة عشَرَ يوما فإذا رأت الدم يعدُّ حيضاً. أمّا إن رأت الدم قبل تسع سنين بستَّة عشر يوماً لا يعدُّ حيضاً.

قال رحمه الله: وأقلُه يومٌ وليلةٌ.

الشرح: أي أقلُّ الحيض يومٌ وليلة أي أربَعٌ وعشرون ساعة، إذا كان الدم كمَلَ أربعًا وعشرين ساعة ضمن الخمسة عشر يوماً فهو حيض.

قال رحمه الله: وأكثره خمسة عشر يوماً بلياليها.

الشرح : أمّا أكثره فهو خمسة عشر يوماً مع الليالي أي إن استمر نزول الدم خمسة عشر يوماً فكله حيض .

قال رحمه الله: كأقلِّ طُهْرٍ بين حيضَتين.

الشرح: أقلُ الطهر بين حيضةٍ وحيضة كذلك خمسَةَ عشَر يوماً.

قال رحمه الله: ولا حدّ لأكثره.

الشرح: أمّا أكثر الطهر ليس له حدّ، قد لا ترى المرأةُ عمرَها الحيض. وقد تَرى مرّة ثم لا تراه بالمرّة. وقد تراه كلَّ عام مرةً. لو رأت كلَّ عامٍ مرة فهو حيض، وهذا خلافُ العادة.

قال رحمه الله: وَحرُمَ به وبنفاس ما حَرُم بجنابة.

الشرح: يَحرُم بسبب الحيْضِ والنّفاس الأشياء التي حَرُمَتْ بالجنابة.

قال رحمه الله: وعبورُ مَسجدٍ خافت تلوِيثَهُ.

الشرح: كذلكَ عبورُ المسجد، معناهُ أنْ تَدخُل مِن هذا الطَرَف وتخرجَ مِنَ الطَرفِ الآخَر، إن كانتْ تخشَى أن ينزِلَ الدم إلى الأَرْض حَرامٌ مرورها.

قال رحمه الله: وطُهْرٌ عن حَدَثٍ وصومٌ.

الشرح: كذلكَ لا يجوزُ لَها الوضوءُ، الحائض والنُفَساء لا يجوزُ لهما الوضوء لأنَّ وُضُوءَهُما لا يَصِحُّ. والصّومُ أيضاً حرامٌ على الحائضِ والنُفساء.

قال رحمه الله: ويَجِبُ قضاؤُهُ.

الشرح: الصوم يجبُ عليهما أنْ تقضياه، أي الحائض والنفساء. أمّا الصلاة فلا.

قال رحمه الله: ومُباشرةُ ما بينَ سُرّتِها ورُكبتها.

الشرح: لا يجوزُ لزوجِها أنْ يستمتعَ بِما بينَ سُرّتِها ورُكبتِها إلاَّ فوقَ الحائِلِ.

قال رحمه الله: وطلاَقٌ بِشَرْطِهِ.

الشرح: والطّلاق أيضاً لا يجوز، في حالِ الحيض والنفاس لا يجوز التّطليقُ. أمّا إن طلَّق فيقعُ الطلاق.

قال رحمه الله: وإذا انقطعَ لم يَحِلَّ قبلَ طُهْرٍ غيرُ صَوْمٍ وطلاقٍ وطُهْرٍ.

الشرح: لمّا ينقطعُ الحيض لم يَحِلَّ قبل طهر أي لا يصِحّ لها قبل الطُّهْر إلا الصوم والطّلاق والطهر. قبلَ أن تغتسلَ يصِحّ ويجوز طلاقُها. والصومُ إذا نَوَتْ بعدَما انقطعَ الدمُ في الليل ولم تغتسلْ بعدُ صحَّ صيامُها. والطّهرُ الذي كانَ قبلَ الانقطاع حراماً الآن حلَّ لها، في حال الحيْضِ الوضوء حَرام.

قال رحمه الله: والاستحاضة كَسَلَسٍ.

الشرح: حكم الحيض هناانتهى.

والآن يشرحُ الاستحاضة، والاستحاضة مثلُ سَلَسِ البول، المرأةُ إذا جاوزَ دَمُها الخمسةَ عَشَرَ يوماً في الحيضِ، وفي النفاسِ إذا جاوز ستّينَ يَوماً مِثلُ سَلَسِ البول. سَيَذكُرُ ماذا تفعل.

قال رحمه الله: فلا تمنعُ ما يَمْنعُهُ الحَيض.

الشرح : الاستحاضة تختلفُ عَنِ الحيض، لا تمنعُ الاستحاضةُ ما يمنعُهُ الحيْض.

قال رحمه الله: فيَجِبُ أنْ تَغْسِلَ مستحاضَةٌ فَرْجَها.

الشرح: الاستحاضة أنواع، سَبْعةُ أنواع. بعضُ الأنواع لا تمنعُ ما يمنعُه الحيض، فالمستحاضةُ يجبُ عليها عندَما تريدُ الصّلاةَ أنْ تَغسِلَ فَرجَها مع وجُودِ الدّم، بَعْدُ مَا انقطعَ الدم، ثمَّ تصلِّي.

قال رحمه الله: فتَحشُوهُ.

الشرح: تَحُطُّ فيهِ قُطناً أو خِرْقَةً حتى يَخِفَّ الدَّم.

قال رحمه الله: فتَعْصِبُه.

الشرح: تَرْبُطُ خِرقة من الأمام إلى الخلف ثم تَعْصِبُ عليهِ خِرقةً أُخْرَى.

قالَ رحمَهُ الله: بشَرْطِهِما.

الشرح: إذا لم تَكُنْ صائمةً تَحْشُو أمّا الصّائمة لا تحشُو. وكذلك إن كان يؤذيها لا تَحشُو.

قال رحمه الله: فتطَّهَّرُ لكلِّ فرضٍ وقتَهُ.

الشرح: فَتَطَّهّرُ لكلِّ فرضٍ بعدَ دخولِ الوقتِ. وضوؤُها لا يصِحُ إلاّ بعدَ دخولِ الوقت، للظّهرِ بعدَ الزوال، وللعصر بعد دخولِ وقته،

والمغربُ بعد مغيبِ الشمسِ، والعشاءُ كذلك.

قال رحمه الله: وتُبادِرُ بِه.

الشرح: لا تتأخر، بعدَ وضوئِها لا تتأخرُ عن الصّلاة بل تبادر بصلاتها.

قال رحمه الله: ولا يَضُرُّ تأخيرُها لمصلحةٍ.

الشرح: إذا أخَرتْ لانتظارِ جَماعة مثلاً لا يؤثر، توضّأت بعدَ دخولِ الوقتِ لكنَّها تنتظرُ أن تقومَ الجَماعة في هذِه الحالة يجوز.

قال رحمه الله: كَسَتْرٍ وانْتظارِ جماعة.

الشرح: مثلاً كأنْ تَسْتُرَ عورتَها حتى تَصِحَّ صلاتُها، لها أن تُؤَخِـّرَ للسُتْرَة وانتظار الجماعة.

قال رحمه الله: ويجبُ طُهْرٌ إنِ انقطَعَ دَمُها بعدَهُ أو فيه.

الشرح: هذه المستحاضة بعدَما توضّأت انقطعَ الدّم تُعيدُ الوضوء. بعد الوضوء إن انقطع عليها أن تُعيد، أو في أثناء الوضوء علِمَتْ أنهُ انقطع تُعيدُ.

قال رحمه الله: أوْ فيه لا إن عادَ قَريباً.

الشرح: أي وهي في أثناء وضوئها علمت انقطاع الدم، هذه كما قلنا تعيد. أمّا إن عادَ قَريباً فليسَ عليها أن تعيد، بعدَما توضأت انقطع ثم بعد دقائق رَجع فهذه ليسَ عليها أنْ تعيدَ الوضوء بل يكفِيها ذاكَ الوضوء.

رَأَتْ وَلَوْ حَاملاً لاَ مَعْ طَلْقٍ دَمَاً لِزَمَنِ حَيْضٍ قَدْرَهُ وَلَمْ يَعْبُرْ أَكْثَرَهُ فَهُوَ مَعَ نَقَاءٍ تَخَلَلَهُ حَيْضٌ فَإنْ عَبَرَهُ وَكَانَتْ مُبْتَدَأةً مُمَيِـّزَةً بِأَنْ تَرَى قَوِياً وَضَعِيفاً فَالضَعِيْفُ اسْتِحَاضَةٌ وَالقَوِيُّ حَيْضٌ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ وَلاَ عَبَرَ أَكْثَرَهُ وَلاَ نَقَصَ الضَعِيْفُ عَنْ أقلِّ طُهْرٍ وِلاَءً أو لا مُمَيِـّزَةً أَوْ فَقَدَتْ شَرْطاً مِمَّا ذُكِرَ فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَطُهْرُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ إنْ عَرَفَتْ وَقْتَ ابتِدَاءِ الدَّمِ أَوْ مُعْتَادَةً بِأَنْ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ فَتُرَدُّ إلَيْهِمَا وَتَثْبُتُ العادَةُ إن لَمْ تَخْتَلِفْ بِمَرَّةٍ وَيُحْكَمُ لِمُعْتَادَةٍ مُمَيزَةٍ بِتَمْيِيزٍ لاَ عَادَةٍ إنْ لَمْ يتخلَّلْ أَقَلُّ طُهْرٍ أَوْ مُتَحيِـّرةٌ، فَإنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتاً فَكَحَائِضٍ لاَ في طَلاَقٍ وَعِبَادَةٍ تَفْتَقِرُ لِنِيّةٍ وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ إنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انقِطَاعٍ وَتَصُومُ رَمَضَانَ ثُمَّ شَهْراً كَامِلاً فَيَبْقَى يَوْمَان إنْ لَمْ تَعْتَدِ الانْقِطَاعَ لَيْلاً فَتَصُومُ لَهُمَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ثَلاَثَةً أَوَلَهَا وَثَلاَثَةً ءاخِرَهَا ويُمْكِنُ قَضَاءُ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ وثَالِثِهِ وَسَابِع عَشَرِهِ وَإِنْ ذَكَرَتْ أحَدَهُمَا فَلِلْيَقِينِ حُكْمُهُ وَهِيَ في المُحْتَمِلِ كَنَاسِيَةٍ لَهُمَا،

وَأَقلُّ النِـّفَاسِ مَجَّةٌ وَأَكْثَرُهُ سِتّونَ يَوْماً، وَغَالِبُهُ أَرْبَعُوْنَ وَعُبُورُهُ سِتّينَ كَعُبُورِ الحَيْضِ أكْثَرَهُ.

قال رحمه الله: رأت ولو حاملاً لا مع طَلْقٍ دَماً لِزَمَنِ حيضٍ.

الشرح: المرأةُ إذا رأت دمًا لو كانت حاملاً في زمن حيض أي في الوقت الذي يصحّ فيه أن ترى النساء الحيض، فإذا رأت البنت دماً في زمن حيض أي في سِن يُحكَمُ بدمها أنه دم حيض وهو تِسْعُ سنين قمرية، والقمرية معناه من الهلال إلى الهلال، الشهر القمري من الهلال إلى الهلال، فالسنة اثنا عشر شهرًا قمريًا، فالبنت إذا بلغت رأت دمًا استمرّ أربعاً وعشرين ساعة ولو متفرّقا ضمن خمسة عشر يومًا فهو حيضٌ، أما ما تراه النساء مع الطّلْقِ هذا ليس حيضًا ولا نفاسًا، والطلق معناه لما يأتيها الألمُ لخروج الولد، لِتَهَيُّىءِ الولدِ للخروج.

قال رحمه الله: قدرَهُ.

الشرح: أي رأت قدرَ الحيض أي ما يسَعُ أربعًا وعشرين ساعة متصلاً أو منفصلاً فهو حيض، فإن رأت اليوم ستّ ساعات ثم غداً ستّ ساعات ثم بعدَ غد ستّ ساعات إلى أن كمَل أربعاً وعشرين ساعة فهذا كلّه حيض.

قال رحمه الله: ولم يَعْبر أكثرَه.

الشرح: أي إن لم يزِد على خمسة عشر، أي إن لم يتجاوز الخمسة عشر يومًا فهو حيض.

قال رحمه الله: فهو مع نقاء تخلَّلَه حيض.

الشرح: هذا الدّم يعتبر حيضًا لو كان هناك نقاء أوقات ينقطع الدم فيه، كما ذكرنا اليوم رأت الدم ستّ ساعات ثم انقطع ثم اليوم الثاني رأت الدم ستّ ساعات ثم انقطع ثم في اليوم الثالث رأت ست ساعات وهكذا في اليوم الرابع فهذه المدة حكمها حكم الحيض مع وقت النّقاء، مع النقاء يحكم عليه بأنه حيض، والنّقاء يكون بأن ترى مثلاً الآن الدم ستّ ساعات ثم ينقطع ثم غداً أيضاً تراه ستّ ساعات ثم ينقطع ثم بعد غد أيضاً تراه ستّ ساعات ثم ينقطع ثم في اليوم الرابع ستّ ساعات ثم انقطع فهذه المدة كلّها حيض حتى لو كانت صلّت تبيّن بأن صلاتها ما صحت من خلال ذلك، مثلاً بعد انقطاع الدم ظنّت أن هذا ليس حيضاً فاستنجت وصلّت فصلاتها هذه غير صحيحة ما صحت، لكن هي ما عليها ذنب لأنّها ظنّته طهراً أي ظنت أنه لا يعود إلاّ بعد خمسة عشر يوماً فقالت هذا دمُ فساد لأن مدة الحيض ما اكتملت، فصلّت ما عليها ذنب بل عمِلَت بالواجب لكن لمّا عاد ءاخر مرة لمّا اكتمَل مقدارُ دمها أربعاً وعشرين ساعة علمت أن تلك الصلاة ليست صحيحة. إن كان بعد الغروب جاءها أولَ الشّهر الدم ست ساعات ثم انقطع ثم في النهار ما رأت شيئاً ثم بعد ست ساعات من الليل قالت هذا ليس حيضاً فنوت الصّيام وما أكلت شيئًا في النهار ثم بعد المغرب جاءها الدم ست ساعات ثم انقطع فقالت هذا ءاخر الدم أي انقطع ثم نوت الصيام وكذلك في اليوم الثالث، والرابع كذلك، لمّا مضى أربعاً وعشرين ساعة مقدار الدم فالآن كمَلَ مقدار الحيض فالآن يتبين لها أن صيامها غير صحيح، وصلاتها أي صلاتها التي صلتها في أوقات النقاء ليست صحيحة لأن هذا النقاء يُحكم عليه بحكم الحيض.

وكذلك لو رأت اليوم اثنتي عَشْرَة ساعة أول مرّة أي أول يوم من الشهر ثم انقطع ثم عاد في اليوم الخامس عشر ومكث اثنتي عَشْرَة ساعة نقول ما بين الدّم والدّم اكتمَل أربع وعشرون ساعة ضمنَ خمسَة عشَرَ يومًا فنقول إنه ثبت أن هذا حيض. ونقول ما صامته بين هذين الدّمين وقت النقاء ما صح لأن هذا النّقاء كلُّه حكمُه حكم الحيض، أمّا لو اتّصل الدّم بعدَ خمسةَ عشَرَ يوماً يكون هذا الدّم دم استحاضة، أمّا إن عاد الدّم عشر ساعات أو نحو ذلك وانقطع فنقول عنه دمُ فساد معناه مثلُ الدّم الذي يَطلَع دقيقاً وينتهي أي أنه ليس حيضاً ولا استحاضةً، أمّا لو أخذ الشهرَ كلّه يسمى دم استحاضة، المرأة نقول لها مُستَحاضةٌ وأمّا هذه الحال يقال لها استِحَاضة.

قال رحمه الله: فإن عبَرَهُ وكانت مُبتَدَأَةً مميِزَةً بأن تَرى قوياً وضعيفاً.

الشرح: فإن عَبرَهُ أي إن تجاوزه ونحن قلنا إن شرط الحيض أن لا يزيد عن خمسة عشر يوماً فإن رأت الدم مثلاً عشرين يومًا رأت بعد الخمسة عشر فيكون ما زاد عن القوي استحاضة أي يكون الضعيف استحاضة، ومعنى مميِـّزة أي دمُها شَكْلان وليس شكلاً واحداً كأن يكون بعضُه أسود وبعضُه أحمر أو بعضه ثخيناً أي غليظ وبعضه رقيق فالثّخين يقال له قوي والأسود يقال له قوي وأمّا الرقيق والأحمر يقال له ضعيف.هذه التي عمرَها ما رأت الدم وأول ما جاءها الحيضُ زاد عن خمسة عشر يومًا فهذه يُنظَر في أمرها إن كانت ترى قوياً وضعيفاً يقال لها ُمميّزة، مثلاً استَمرّ الدّم الشّهر والشهرين والثّلاثة أو أكثر بمجرد ما تجاوز الدم خمسة عشر يوماً وكانت ترى قوياً وضعيفاً ليس كلّه أسود قوي ولا كلّه أحمر أي ما كل أيامها ترى دمًا ثخينًا ولا كلّ أيّامها ترى دماً رقيقاً بل كانت ترى بعض الوقت الأسود القوي وبعض الوقت الأحمر الضّعيف، أو بعضَ الوقت الأسود الرقيق وبعضَ الوقت الأسود الثّخين، والثخين يقال له القوي والرقيق يقال له ضعيف فهذه يقال لها مُبتَدَأَة مميِـّزَة. ومعنى مُبتَدأةً لأنّها ما رأت قبل ذلك حيضاً بل هذا أوّل ما جاءها الحيض. أما مميّزة لأنّها ترى نوعين.

قال رحمه الله: فالضّعيف استحاضةٌ والقوي حيض .

الشرح : الضعيف يكون استحاضة والقويّ حيضاً لكن هذا له شرطٌ والشرط هو أن لا يقِلَّ القَويّ عن أربعٍ وعِشرينَ ساعة والضّعيف عن الخمسة عشر يوماً، هذا شرط كونِها مبتَدأَة مميِزة، في هذه الحال نقول عن الأسود الذي لم يَنقُص عن اليوم والليلة ولم يزد على الخمس عشْرَة هذا الدم الأسود نقول هو الحيض أمّا ما بعده وهو الأحمر فنقول عنه استحاضة.

قال رحمه الله: والقوي حيضٌ إن لم يَنقُص عن أقلِـّه ولا عَبَرَ أكثرَهُ.

الشرح: هذا القوي أي الأسود ما نقَص عن الأربع والعشرين ساعة أي أقل الحيض ولا زادَ على الخمسَة عشَر.

قال رحمه الله: ولا نقَص الضعيف عن أقلِ طُهْر وِلاَءً.

الشرح: الضعيف أي هذا الأحمر ما نقَص عن الخمسَة عشَر يوماً، أقلُّ الطهر خمسَةَ عشَرَ يوماً ولا حدَّ لأكثره، ولاَءً معناه متصلاً، عن الخمسة عشر يوماً على الاتّصال في هذه الحال القَويّ حيض والضّعيف استحاضة.

قال رحمه الله : أو لا مُميِـّزَةً.

الشرح: وإمّا أن تكون غيرَ مُميِـّزة معناه بلون واحد يأتيها، أي كلّ الدم الذي تَراه شَكلٌ واحد.

قال رحمه الله : أو فقَدت شَرْطاً مِمّا ذُكِرَ .

الشرح : الضعيف يُشترط أن لا يَقِلّ عن خمسة عشر يوماً والقوي أن لا يَنقُص عن أقلّ الحيض أي يوم وليلة إذا لم يحصل هذا الشرط الحكمُ يتغيّر.

قال رحمه الله : فحيضُها يومٌ وليلةٌ .

الشرح : في هذه الحال يكون لها أربع وعشرون ساعة حيضاً وما سواه هذا الأحمر ولو امتَدّ سنة يكون استحاضة .

قال رحمه الله: وطُهْرُها تِسعٌ وعِشرُونَ .

الشرح: نَحكم لها بأن حيضها في كل شهر يوم وليلة وطهرُها تسعٌ وعشرون يومًا هذا إذا فقد شرْطُ التّمييز أو لا تمييز لها أو ترى بلون واحدٍ أو ترى بلونين لكن بغير هذا الشرط .

قال رحمه الله: إنْ عَرَفتْ وقتَ ابتدَاءِ الدمِ أو مُعتادةً .

الشرح: إمّا أنْ تكون معتادة والمعتادة معناها التي سَبقَ لَها فيما مضَى أنها رأتْ حيضاً وطُهْراً، كانَ يأتيها خمسةَ أيام أو عشرة أيام أو خَمْسَةَ عشر أو يوماً وليلة ثم ينقطعُ إلى آخر الشّهر مرة أو مرتين أو أكثر، أو مرة واحدة حصلَ هذا ثم فيما بعد ذلكَ الدّمُ اتّصلَ إلى شهر، شهرين، ثلاثة أو أكثر هذِه يقالُ لها معتادة هذه المعتادة على شَكْلين .

قال رحمه الله: بأنْ سَبَقَ لها حَيْضٌ وطُهْرٌ فَتُرَدُّ إليهِما.

الشرح: تُردُّ إلى عادتِها، القدرُ الذي أوّلاً يستمرُ حيضها فهو حيض لا تصلّي والقدرُ الذي كانَ يَنْتَهى - ينقطع - دمُها ما بعد انقطاعِ دَمِها تَعتبرُ نفسَها طاهرة في هذِه الحال تُصلّي وتَصوم بعدَ قَدْرِ عادتِها وزوجُها يجامعها مع وجودِ الدم،هذا استحَاضة، لأنهّ بعد قدر العادة، ليست حائضاً في الحكم .

قال رحمه الله: وتَثبُتُ العَادةُ إنْ لَمْ تختلِفْ بِمَرَةٍ .

الشرح : العادةُ بمرةٍ واحدة تثبُت، لو رأت في شهرٍ. أوّلَ ما رأت الدّم كانتْ تَرى كلَّ شهر الدّم إلى خمسة أو عشرة ثُمَّ ينقطع إلى ءاخرِ الشَهر، كانت ترى خمسة أيام دماً ثم خمسة وعشرين طهراً، حصل هكذا مرة مرتين أو ثلاث مرات أو أكثر ثم جاءها الدم المستمر، فتعتبر الخمسة أيام حيضاً وما سواه طهراً. كانت عادتُها خمسةَ أيام حيضاً وخمسةً وعِشرين طهراً، هذه يقال لها خمسة أيام اعتبريها حيضاً والخمسة والعشرين استحاضة، ففي الخمسة أيام لا تُصلّي ولا تَصُوم وفيما بعدَها تغتسل وتصلّي وتصوم إلى آخر الشهر. ولو بقِيَت شهوراً على هذه الحال كل شهر يقال لها حَيضُك خمسة والباقي طُهر، وهذه يقال لها معتادة غيرَ مميّزة، بلون واحدٍ ترى الدّم الشهور كلَها، وقبل الاستحاضة كان سبق لها أنها تحيض وتَطْهُر .

قال رحمه الله: ويُحكَمُ لمعتادةٍ مميِـّزَةٍ بتميِيزٍ لا عادَةٍ إن لم يتخلّلْ أقلُ طُهْرٍ.

الشرح: المعتادة إنْ كانتْ مُمَيِـّزَة ترى قَوياً وضَعيفاً فالقويُ حيض والضّعيفُ استحاضة، المعتادة التي ترى لونين الأسود والأحمر القويُ حيض والضّعيف استحاضة. أما إن كانت ترى بلونٍ واحد كُلَّ الشهر فتعتبر اليوم الأوّل من الشهر حَيضًا وما سواه طُهر، هذا إن كان لم يَسبِقْ لها حيضٌ ولا طهرٌ .

قال رحمه الله: أو مُتحيرةً .

الشرح: الأربعةُ أقسام كَمَلَتْ، المُبتدَأَةُ المُمَيِزَة والمبتَدَأَةُ غيرُ المُمَيِـّزَة والمعتادةُ المُميزة والمعتادةُ غيرُ المُمَيِزَة هؤلاءِ أربعة بقي ثلاثة، منَ المستحاضة بقيَ ثلاثةُ أصناف، والآن يتكلمُ عن المتحيّرة وهي الخامسة من أنواعِ المُستحاضة .

قال رحمه الله: فإن نَسِيَت عادتَها قدراً ووقتاً.

الشرح: المتحيّرة هي التي لا تَذكر كم كانَ أيامُ الدم، هل كان يوماً وليلة أو خمسة أو عشرة أو خمسة عشر، لا تذكر، ولا تذكر هل كان يأتيها أول الشهر أو وسَط الشهر أو آخرَ الشهر، متحيّرة. فإن نسِيَت عادتَها قدرًا وَوقْتًا أي قدرَ حيضها والوقت نسِيت لا تذكر.

قال رحمه الله: فكحائضٍ لا في طلاقٍ .

الشرح: هي حُكمُها أنها كالحائِضِ حتى لو بقي الدمُ عَشْرَ سنوات فهي مثلُ الحائِض إلاَّ في الطّلاقِ وبعضِ الأحكام .

قال رحمه الله: وعبادةٍ تَفتقرُ لنِيّةٍ .

الشرح: الطلاقُ والعبادةُ التي تَحتاج إلى نية كالصومِ والصلاةِ ليستْ مثلَ الحائِض في هذا، في الطلاق والعبادة التي تفتقر لنيّة مثلُ الطّاهر.

قال رحمه الله: وتغتسلُ لكلِّ فَرضٍ إنْ جَهِلَتْ وَقْتَ انقِطاعٍ .

الشرح: ثم هي تغتسلُ لكلّ فَرض للظهرِ والعصر والمغرب والعشاء والصّبح إلاّ أنْ تكون تَذْكُر أنه كان في الماضي ينقطعُ دَمُها عندَ الغروب هذه كُلَّما جاءَ الغروب تغتسل وما سِوَى ذلك بالوضوء ثُمَّ تصلّي الأوقات الخمس لكن عِنْدَ الغروب تغتسل ثم تصلّي وما سِوَى ذلكَ إلى أن يعود ذلك الوقت تتوضأ وتصلّي.

أمَّا في الطّلاق فليس لها حكم الحائض وفي الصلاة والصيام. كل عبادة تفتقرُ لنيّة فليس لها حكم الحائض. ومعنى ذلك أن زوجها لا يجامعُها البتَّةَ بالمرّة، أمّا في الصّلاة فكطاهر، وهذه لا يَحرمُ طلاقُها كالحائض لأن الحائض يحرمُ طلاقُها حتى ينقطع الدم، أمّا هذه في الطّلاق كطاهر وفي الصلاة حكمُها حكمُ الطاهر تصلّي أمّا في الجماع فليسَ لها، وبعضُ العلماءِ قالوا: إلى متى لا يُجامعها هذه تتضرّر، اذا مُنِعَتْ مِنَ الجماع على الاستمرار تتضرّر يجوز جِماعُها، أمّا هذا الشّيخ زكريا الأَنصاري وكثيرون قالوا لا يجوز .

قال رحمه الله: وتَصومُ رمضانَ ثُمَّ شَهْراً كاملاً .

الشرح: تصوم رمضان أيضاً لكنْ هذه صيامُها لا يكفِيها أن تصوم شهراً واحداً بَلْ تصوم رمضان وشَهْراً كامِلاً ثم يَبْقَى عَليها يَومانِ يعني تصوم لرمضان اثنين وستين يوماً أي لشهر واحد تصوم ست وستين يوماً، شهرين كاملين وستة أيام، وهذه المتحيّرةُ المُطْلَقة هذه التي قالوا عَنها إنها كالحائض إلا في الطلاق والصوم ونحو ذلكَ، يحصل لها من الشهرين ثمانيةٌ وعشرون يوماً فيبقى عليها يومين فتقضيهما، ثلاثةً من أولِ الثمانية عشر وثلاثةً في آخر الثّمانية عشر.

قال رحمه الله: فيبقى يَومان إنْ لَمْ تعتدِ الانقطاعَ ليلاً فتصومُ لهما من ثمانيةَ عَشَرَ ثلاثةً أَوَلَها وثلاثةً ءاخِرَها .

الشرح: اليومُ الأول والثاني والثالث تصوم ثم تأكلُ ثم السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر تصوم فيكون حصل لها يومان من ستةِ أيام، حصل لها يومان، سَلِمَ لها يومان، والباقي حُكْمُ الحَيْضِ، فهنا صومُها للاحتياطِ واجب.

قال رحمه الله: ويُمْكِنُ قَضاءُ يومٍ بصَوْمِ يَوْمٍ وثَالِثهِ وسابع عَشَرِهِ .

الشرح: أمّا إنْ كانَ عليها قضاء ليوم واحد أي في غيرِ هذِهِ الحال بل في القديم كانَ عليها يوم واحد فإن أرادتْ أن تقضيَهُ فتصومُ يوماً ثمّ في اليوم الثالث تصوم ثم سابع عَشَرِهِ أي ثم تصوم اليوم السابع عشر، في اليوم الذي بَدأت فيه تصومه، من سبعةَ عَشَرَ يوماً يَحْصُلُ لها هذا الواحد، هذه مُبتلاة نزلتْ عليها مُصيبة كبيرة ومشقةٌ كبيرة، هذا إن لم تعتد انقطاعهُ ليلاً، أمّا إنْ كانت تعرف أنها في العادة أن حَيضَها ينقطعُ لَيلاً أي قبلَ الفجر يَنقطع في هذه الحال شهرينِ يكفيها لرمضان بلا يومين .

قال رحمه الله: وإنْ ذَكَرتْ احدهما فلليقينِ حكمه وهي في المحتمل كناسية لهما .

الشرح: هذه إن كانت تذكر القدر ولا تذكر الوقت أو تذكر الوقت ولا تذكر العدد كم يوم كان حيضها لكن تعرف انه يبدأها أوّلَ الشهر، تذكر الوقت ولا تذكر القدر أو العكس تذكر العدد ولا تذكر الوقت، إن كانت هكذا فحكمها أنها في اليقين أي القدر الذي تتيقن أنه حيض فهي حائض أمّا فيما يحتمل أي القدر الذي يحتمل الحيض والطهر والانقطاع أي الأحوال الثلاثة يتغير حكمها، في القدر المحتمل هي كمتحيرة حكمها حكم المتحيرة التي لا تذكر الوقت ولا القدر أي القدر الذي هو مُحتمِل .

قال رحمه الله: وأقل النفاس مَجّة

الشرح: أقل النفاس لحظة، بعد الولادة إذا رأت دقيقة دماً هذا النفاس، إلى خمسة عشر يوماً ما عاد ثم بعد خمسة عشر يوماً رأت دماً لا يعدُّ نفاسا إنما يُعد حيضاًً. أمّا إن رأت قبل خمسة عشر يوماً فهو نفاس .

قال رحمه الله : وأكثره ستون يوماً.

الشرح : أكثر النفاس ستون يوماً إن استمر ستين يوماً متواصلاً فالأيام الستون كلها نفاس كذلك لو تقطّع رأت يوماً ثم لم تر اليوم الثاني ثم رأت ثم لم تر إلى إن قضت ستين يوماً فكلُّ هذه الأيام التي احتَوَشَها الدم كل الأيام التي كانت بين الدماء فهي نفاس ولو تقطع بما هو أقل من خمسة عشر يوماً مثلاً رأت عشرة أيام ثم لم تر عشرة أيام ثم رأت عشرة ثم لم تر ثم رأت عشرة ثم لم تر، خمسون يوماً نعتبره نفاساً، والعشرة التي بعد الخمسين ما كان فيها دم فهذه نعتبرها طهر، وإذا انقطع الدم على الستين ثم عاد بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر فهذا الدم الجديد حيض، أما ضمن الستين إذا رأت يوماً ثم لم تر الذي بعده ثم رأت ثم لم تر الذي بعده هذه الأيام التي احتوشها الدم فهي نفاس كلُها.

قال رحمه الله : وغالبه أربعون .

الشرح : أكثر النساء يَرَينَ أربعين يوماً .

قال رحمه الله : وعبوره ستين كعبور الحيض أكثره .

الشرح : إن عبر ستين يوماً فحكمه كحكم الحيض الذي تجاوز أكثره خمسة عشر يوماً، تصير مستحاضة إن اتصل الدم إلى ما بعد الستين فهي مستحاضة، فإن كانت مبتدأة نفاسها لحظة وما سواه تعتبره طهراً هذا إن كانت تراه بلون واحد، كما أن الحيض إذا المرأة كانت مبتدأة وكانت تراه بلون واحد فحيضها يوم وليلة وما زاد من الشهر طهر وهذه كذلك إن كانت رأت ساعة ثم لم ينقطع بل استمر الدم بلون واحد كله اسود أو كله احمر أو كله ثخين أو كله رقيق يقال لها بما أنها لم يسبق لها قبل هذا ولادة ولا نفاس يقال لها نفاسك مجّة أي قدر لحظة وما سواه استحاضة أمّا لو كانت تراه بلونين مثلاً عشرة أسود والخمسين أحمر فالسواد هو النفاس وما بعده طهر.

أحكام حيض أحكام نفاس استحاضة حيض نفاس ثقافة إسلامية حيض دروس دينية إسلامية طهارة نفاس فقه إسلامي غسل اغتسال