النسفي. علم الدين على مذهب أهل السنة والجماعة. عقيدة المسلمين

تفسير القرآن كاملا: من تفسير النسفي: مدارك التنزيل وحقائق التأويل.

تفسير القرآن الكريم، من تفسير النسفي: مدارك التنزيل وحقائق التأويل.

أقوال العُلماءِ: الله موجود بلا كيف ولا مكان

قال بابن عساكر (620 هـ) عن الله تعالى: " موجودٌ قبل الخَلْق، ليس له قَبْلٌ ولا بَعْدٌ، ولا فوقٌ ولا تحتٌ، ولا يمينٌ ولا شمالٌ، ولا أمامٌ ولا خَلْفٌ، ولا كُلّ ولا بعضٌ، ولا يقال متى كان، ولا أين كان ولا كيف، كان ولا مكان، كوَّن الأكوان، ودبَّر الزمان، ولا يتقيد بالزمان، ولا يتخصص بالـمكان "

أقوال العُلماءِ: الله موجود بلا مكان ولا زمان

قال الشيخ السنوسي عند ذكر ما يستحيل في حقه تعالى ما نصه: " و[يستحيل في حقه] الـمماثلة للحوادث بأن يكونَ جِرمًا أي يأخُذُ ذاتُه العلي قدرًا من الفراغ، أو أن يكون عَرَضًا يقوم بالجِرم، أو يكونَ في جهةٍ للجِرم، أو له هو جهةٌ، أو يتقيد بـمكانٍ أو زمان " [أم البراهين في العقائد (متن السنوسية)]

لا يجوز ذم اللغة العربية

اعلمْ رَحِمَكَ الله أنّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلّمَ مدحَ اللُّغةَ العربيةَ وأمَر بِمَحَبَّتِها فهيَ لغَةُ أهلِ الجنّةِ وأوّلُ لُغةٍ تكَلّمَ بها ءَادَمُ في الجنّةِ وهيَ اللّغةُ التي أُنزِل بها القرءانُ الكريمُ فلا يجوزُ مَسَبَّتُها والاستهزاءُ بها.

تفسير سورة البقرة من آية 1 إلى 5

{ذلكَ الكِتَابُ} أي ذلكَ الكِتَابُ الذي وَعَدَ بهِ على لِسَانِ مُوسَى وعِيسَى علَيهِما الصّلاةُ والسّلام أي ذلكَ الكتابُ المنزَّلُ هوَ الكتَابُ الكَامِلُ {لا رَيبَ فيه} لا شَكَّ فيهِ أنّهُ حَقٌّ

تفسير سورة البقرة من آية 6 إلى 7

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)} الكُفرُ سَتْرُ الحَقّ بالجُحُودِ ، والمرادُ بالذينَ كَفَرُوا أُنَاسٌ بأَعيَانِهم عَلِمَ اللهُ أنّهم لا يؤمِنُونَ كأَبي جَهلٍ وأبي لَهبٍ وأضرَابِهما. كأنّهُ قِيلَ : إنّ الذينَ كَفَرُوا مُستَوٍ علَيهِم إنذَارُكَ وعدَمُه. والإنذارُ التّخويفُ مِن عِقَابِ اللهِ بالزّجْر عن المعاصِي والحِكمَةُ في الإنذَارِ معَ العِلم بالإصرَارِ إقَامَةُ الحُجّةِ ولِيَكُونَ الإرسَالُ عَامًّا ولِيُثَابَ الرّسولُ صَلّى اللهُ علَيهِ وسَلَّم.

تفسير سورة البقرة من آية 8 إلى 10

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)} افتَتَح سُبحَانَه وتَعالى بذِكْرِ الذينَ أَخلَصُوا دِينَهُم للهِ ووَاطَأَتْ فيهِ قلُوبُهم ألسِنتَهُم ، ثم ثَنّى بالكَافِرينَ قُلُوبًا وأَلسِنَةً ، ثم ثَلَّثَ بالمنافقِينَ الذينَ آمَنُوا بأفواهِهم ولم تؤمِن قلُوبُهم وهُم أخبَثُ الكفَرةِ لأنّهم خَلَطُوا بالكُفرِ استِهزاءً وخِداعًا ولِذَا نَزلَ فِيهم {إِنَّ الْمُنَـافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء : 145].

تفسير سورة البقرة من آية 11 إلى 15

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} ومِنَ النّاسِ يعني المنافقينَ مَن {إذَا قِيلَ لَهم لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} والفَسَادُ خُرُوجُ الشّيءِ عن حَالِ استِقَامَتِه وكَونِه مُنتَفَعًا بهِ، وضِدُّه الصَّلاحُ وهوَ الحُصُولُ على الحَالِ الْمُستَقِيمَةِ النّافِعَةِ. والفَسَادُ في الأرضِ هَيْجُ أي حصولُ الحُرُوبِ والفِتَن لأنّ في ذلكَ فَسَادَ مَا في الأرض وانتِفَاءَ الاستِقَامَةِ عن أحوالِ النّاسِ والزّرُوعِ والْمَنافِع الدّينِيّةِ والدُّنيَويّةِ، وكانَ فَسَادُ الْمُنَافقِينَ في الأرض أنّهم كانُوا يُمايِلُونَ الكُفّارَ ويُمالِئُونَهم على المسلِمِين بإفشَاءِ أَسرَارِهم إلَيهِم وإغرَائِهم (أي إفسادِهِم) علَيهِم وذلكَ مما يؤدّي إلى هَيْجِ الفِتَنِ بَينَهُم.

تفسير سورة البقرة من آية 16 إلى 18

{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} أي استَبدَلُوها بهِ واختَارُوها علَيهِ. وإنّما قالَ اشتَرَوا الضَّلالَةَ بالهدَى ولم يَكُونُوا على هُدًى لأنّها في قَومٍ آمَنُوا ثم كفَرُوا. والضّلالَةُ الجَورُ عن القَصدِ وفَقدُ الاهتِدَاء ، يُقَالُ ضَلَّ مَنزِلَه فاستُعِيرَ للذّهابِ عن الصّوابِ في الدِّين.

تفسير سورة البقرة آية 19

أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ثَنّى اللهُ سُبحَانَهُ وتَعَالى في شَأنِهم بتَمثِيلٍ آخَرَ لزِيَادَةِ الكَشْفِ والإيضَاح. وشَبَّهَ الْمُنَافِقَ في التّمثِيلِ الأوَّلِ بالْمُستَوقِدِ نَارًا وإظْهَارِه الإيمانَ بالإضَاءَةِ وانقِطَاعِ انتِفَاعِه بانطفَاءِ النّار ، وهنَا شَبَّهَ دِينَ الإسلام بالصَّيّبِ لأنّ القُلُوبَ تَحيَا بهِ حَياةَ الأرضِ بالمطَر ، ومَا يتَعَلَّقُ بهِ مِن شَبَهِ الكُفّارِ بالظُّلُمَاتِ ، ومَا فِيهِ مِنَ الوَعْدِ والوَعِيدِ بالرَّعْدِ والبَرْق ، ومَا يُصِيبُهُم منَ الأفزاع والبَلايا مِن جِهَةِ أهلِ الإسلامِ بالصَّوَاعِقِ.

تفسير سورة البقرة من آية 20 إلى 21

{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} الخَطْفُ الأَخْذُ بسُرعَةٍ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} أي كُلَّ وَقتٍ أضَاءَ لَهم فيهِ {مَشَوْا فِيهِ} أيْ في ضَوئِه ،كأَنّهُ جَوابٌ لِمَن يَقُولُ : كَيفَ يَصنَعُونَ في تَارَتَي خُفُوقِ البَرقِ وخُفيَتِه؟ وهَذا تَمثِيلٌ لشِدَّةِ الأمر على المنَافقِينَ بشِدَّتِه على أصحَابِ الصَّيّبِ ومَا هُم فيهِ مِن غَايَةِ التّحَيُّرِ والجَهلِ بما يَأتُونَ ومَا يَذَرُونَ إذَا صَادَفُوا مِنَ البَرْق خَفْقَةً معَ خَوفِ أنْ يَخطَفَ أبصَارَهُم انتهَزُوا تِلكَ الخَفْقَةَ فُرصَةً فخَطَوا خَطَواتٍ يَسِيرَةً ، فإذَا خَفِيَ وفَتَر لَمَعانُه بَقُوا واقِفِينَ.