عقبة ابن نافع فاتح إفريقية

قال ياقوت الحموي (المتوفى سنة 626هـ) في معجم البلدان (ج4 / 421) عند ذكر القَيْرَوَان، وبيان أن عقبة بن نافع رضي الله عنه فتح إفريقية (وهي تونس) وأسلم على يده خلق من البربر وفشا فيهم دين الله: فجمع عقبة حينئذ أصحابه وقال: وقد رأيت أن أبني ههنا مدينة يسكنها المسلمون، فاستصوبوا رأيه، فجاؤوا إلى موضع القيروان وهي في طرف البرّ، وهي أجمة عظيمة وغيضة لا يشقها الحيّات من تشابك أشجارها، وقال: إنما اخترت هذا الموضع لبعده من البحر لئلا تطرقها مراكب الروم فتهلكها وهي في وسط البلاد، ثم أمر أصحابه بالبناء فقالوا: هذه غياض كثيرة السباع والهوام فنخاف على أنفسنا هنا، وكان عقبة مستجاب الدعوة فجمع من كان في عسكره من الصحابة وكانوا ثمانية عشر، ونادى: أيتها الحشرات والسباع نحن أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فارحلوا عنّا فإنّا نازلون فمن وجدناه بعد قتلناه، فنظر الناس يومئذ إلى أمر هائل، كان السبع يحمل أشباله والذئب يحمل أجراءه والحيّة تحمل أولادها وهم خارجون أسرابا أسرابا، فحمل ذلك كثيرا من البربر على الإسلام، ثم اختطّ دارا للإمارة، واختطّ الناس حوله وأقاموا بعد ذلك أربعين عاما لا يرون فيها حيّة ولا عقربا، واختطّ جامعها فتحير في قبلته فبقي مهموما فبات ليلة فسمع قائلا يقول: في غد ادخل الجامع فإنك تسمع تكبيرا فاتبعه فأيّ موضع انقطع الصوت فهناك القبلة التي رضيها الله للمسلمين بهذه الأرض، فلما أصبح سمع الصوت ووضع القبلة واقتدى بها بقية المساجد، وعمّر الناس المدينة، فاستقامت في سنة 55 للهجرة، وكان مقتله في سنة 63 بعد أن فتح جميع بلاد المغرب. اهـ