اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَعنَاهُ أنَّ الله تَعالى هَادِي أهْل السَّمواتِ والأَرْضِ لنُورِ الإيْمانِ

قَوْلُه تَعالى: ﴿اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ (35)﴾ [سورة النور]  مَعنَاهُ أنَّ الله تَعالى هَادِي أهْل السَّمواتِ والأَرْضِ لنُورِ الإيْمانِ، رَوَاهُ البَيهَقيُّ عن عَبدِ الله بنِ عبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُما [الأسماء والصفات (ص/81)].

فَالله تعَالى ليْسَ نُورًا بمَعنى الضّوْءِ، بلْ هوَ الذي خَلَقَ النُّورَ، قَالَ تَعَالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (1)﴾ [سورة الأنعام] أي خَلقَ الظُّلماتِ والنورَ، فكيفَ يُمكِنُ أنْ يكُونَ نُورًا كَخَلْقِه، تَعالى الله عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيْرًا.

وحُكْمُ من يَعتقِدُ أنَّ الله تعَالى نُورٌ أيْ ضَوءٌ التّكفيرُ قَطْعًا. وهذه الآيةُ ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (1)﴾ أصرحُ دليلٍ على أن الله ليسَ حجمًا كثيفًا كالسموات والأرض وليس حجمًا لطيفًا كالظلماتِ والنور، فمن اعتقدَ أن الله حجمٌ كثيفٌ أو لطيفٌ فقد شبَّه الله بخلقهِ

قال الإمامُ أبو سليمان الخطابيُّ: ولا يجوزُ أن يُتوهمَ أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى نورٌ من الأنوار فإنَّ النورَ تضَادُّه الظُلمةُ وتُعاقِبُه فتزيلُه، وتعالى الله أن يكونَ له ضِدٌ أو نِدٌ.اهـ نقله عنه البيهقي في الأسماء والصفات.

أخرج ابنُ جرير وابنُ المنذر وابنُ أبي حاتم والبيهقيُ في الأسماء والصفات من طريق عليّ بن أبي طلحةَ عن ابنِ عباس رضي الله عنهما: قوله تعالى {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال: "هادي أهلِ السمواتِ والأرضَ" {مَثَلُ نُورِهِ} مَثَلُ هُداهُ في قلبِ المؤمنِ كما يكادُ الزيتُ الصافي يُضيءُ قبلَ أن تمسَّه النارُ فإذا مستهُ النارُ ازدادَ ضوءًا على ضوء، كذلك يكونُ قلبُ المؤمنِ يعملُ بالهدى قبلَ أن يأتِيَه العلمُ، فإذا أتاهُ العلمُ ازداد هدىً على هدىً ونورًا على نورٍ. اهـ