معرفة الله على ما يليق به
قالَ الإمامُ أحمدُ بن حنبل (164 – 241 هـ) رضي الله عنه : « مهما تصَوَّرتَ بِبَالكَ فاللهُ بخلافِ ذلك » رواه الفقيه أبو الفضل التميمي المتوفى سنة 410 هـ، وروى ذلك عن ذي النون المصري الحافظ الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 هـ. فكلُّ ما تصوَّرتَ فهو مخلوقٌ واللهُ لا يُشبِهُ المَخْلوقَ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « لا فِكْرَةَ في الرَّبِّ » رواه السيوطي في تفسيره. وروى البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : « تَفَكَّروا في كُلِّ شىء ولا تفكَّروا في ذَاتِ الله ».
قالَ الله تعالى : « وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً » [سورة طه آية 110]، فالمخلوقاتُ لا تعرفُ حَقيقةَ اللهِ، فَنحنُ لا نعْرفُ حَقيقةَ اللهِ إنَّما نعرفُ اللهَ بصِفاتهِ، وبِتَنزِيههِ عَنْ صِفَاتِ الخَلْقِ وعَنْ كُلِّ ما لا يليقُ بِهِ تَعَالى. فمعرفتنا بالله تكون بمعرفة ما يجب له من صفات الكمال كالقدرة والإرادة. وتنزيهه عن صفات النقصان كالجهل والعجز والمكان. ومعرفة ما يجوز في حقه كخلق شىء أو تركه
قال سيدنا أبو بكر الصّديق رضي الله عنه : « العَجْزُ عن دَرَكِ الإِدْرَاكِ إِدْرَاكُ والبَحْثُ عن ذَاتِهِ كُفْرٌ وإِشْرَاكُ » [رواه بدر الدين الزركشي في تشنيف المسامع]. المعنى أنَّ الإنسانَ إذا عرفَ اللهَ تـعالى بأنه موجودٌ لا كالموجوداتِ، موجودٌ بلا مكانٍ ولا كيفيةٍ واقتصرَ على هذا ولم يبحثْ عن ذات الله تـعالى للوصولِ إلى حقيقة الله فهذا إيمانٌ هذا رُشْدٌ وإيمانٌ وصوابٌ، الذي يكتفي بأن الله تـعالى موجودٌ لا يُشبه الموجودات لا يتصوَّرُ في حقِّه مكانًا ولا هيئةً ولا كيفيةً بل اكتفى بأن يعتقدَ أن الله موجودٌ لا يُشبِهُ الموجودات موجودٌ بلا كيفيةٍ ولا مكانٍ اقتصرَ على هذا وقَنِعَ ورضيَ بذلك هذا يُقال: عرَفَ اللهَ. أمّا الذي لا يكتفي بذلك يُريدُ أن يعرفَ حقيقتَه فيتصوَّرُه كإنسانٍ أو ككُتلَةٍ نورانيَّةِ أو نحوِ ذلكَ أو يتصوَّرُه جِسمًا قاعدًا على العرشِ فهذا كفرَ بالله تباركَ وتـعالى، هذا معناه، والبحثُ عن ذاته كفرٌ وإشراكُ.
قال سيدنا علي رضي الله عنه : « إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْأَوَّلُ لَمْ يَبْدُ مِمَّا، وَلَا مُمَازِجٌ مَعْمَا، وَلَا حَالٌّ وَهْما، وَلَا شَبَحٌ يُتَقَصَّى، وَلَا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى، وَلَا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ… مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِلَهَنَا مَحْدُودٌ، فَقَدْ جَهِلَ الْخَالِقَ الْمَعْبُودَ » [رواه الحافظ أبو نعيم في كتابه في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء]
https://www.islam.ms/ar/صفات-الله