الله خالق العالم وخالق كل شىء

قالَ الله عَزَّ وجلَّ في مُحْكَمِ كتابِهِ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾(سورة الصافات ءاية 96).

فنحن لا نَخْلُقُ شيئًا لا ذواتِنا ولا أعمالَنا إنما نحن وأعمالُنا بخلقِ اللهِ تعالى ولا فرقَ في ذلك بين أعمالِنا الاختياريةِ كالأكلِ والشربِ والصلاةِ وبينَ الأعمالِ الاضطرايةِ كالارتعاشِ مِنَ البردِ بلْ كُلُّ ذلكِ بِخَلْقِهِ سبحانَهُ، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (سورة الأنعام ءاية 162 – 163). أخبرَ اللهُ تعالى بأنَّ صلاةَ العبدِ ونُسُكَهُ أي ما يَذْبَحُهُ تقربًا إلى الله تعالى كالأضحيةِ ومَحْيَاهُ ومماتهُ مِلكٌ له وخَلْقٌ له لايشاركُهُ فيه غيرُهُ فأعلمَنا أنه لافرقَ في ذلكَ بين الأعمالِ الاختياريةِ كالصلاةِ والنُّسُكِ وبينَ ما يَتَّصِفُ به العبدُ مما ليس باختيارِهِ كالحياةِ والموتِ، إنما تتميزُ الأعمالُ الاختياريةُ أي التي تقعُ باختيارِ العبادِ فيكتسبُها الناسُ بأنها هي التي عليها يُحَاسَبُ الإنسانُ ويُؤَاخَذُ فيما كانَ منها خيرًا يُثابُ عليهِ وما كان شرًّا يُؤَاخَذُ عليه كما قال الله تعالى ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ ( سورة البقرة ءاية 286 ) أي منَ الخيرِ أي تنتفعُ بذلكَ ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (سورة البقرة ءاية 286) أي وعليها وَبَالُ ما اكتسبتْهُ من الشرِ أي تستحقُّ العقوبةَ على ذلكَ، والكسبُ هو توجيهُ العبدِ قصدَهُ وإرادتَهُ نَحْوَ العَمَلِ فيخلقُهُ الله عندَ ذلكَ فالعبادُ كاسبونَ لأعمالِهِمْ واللهُ خالقٌ للعبادِ وخالقٌ لأعمالِهِمْ وخالقٌ لِنِيَّاتِهِم وقصودِهِمْ لاخالقَ إلا هُوَ سبحانَهُ وتعالى الذي لا شريكَ لَهُ.