خطبة الجمعة: عصمة الأنبياء. براءة النبي يوسف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صفوة الأنبياء والمرسلين، وعلى ءاله وصحابته الطيبين الطاهرين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصَّمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيُّهُ وحبيبه.

أما بعد عباد الله فإني أوصيكم بتقوى الله العزيز الحكيم القائل في القرءان الكريم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) ﴾ ولا يكون العبد متقيا لله تعالى إلا بمعرفة الله تعالى والإيمان به ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم والإيمان به وامتثال أوامره تعالى كلها واجتناب مناهيه كلها، ولا سبيل إلى معرفة ما أمر الله به وما نهى الله عنه إلا من طريق الأنبياء فهم المبلغون عن الله تبارك وتعالى خلْقه بما يُحييهِم ويصلح أمر دينهم ودنياهم فحاجة الخلق إلى الأنبياء ضرورية إذ لا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث والصحيح والباطل وما ينجي في الآخرة أو يهلك إلا على أيدي الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولما كان هذا عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وتلك وظيفتهم كانوا من الكمال وعلو المنزلة وسمو المقام في أعلى مراتبه ليقبل الناس عليهم ويتلقوا عنهم أوامر الله ويلتزموا ما بينوا لهم من الشرائع والأحكام والآداب والأخلاق، فاصطفى الله العليم الحكيم لمنصب النبوة من البشر رجالا كُمَّلاً من أوسط قومهم نسبا وأحسنهم خِلقةً وخلقا فحفظهم مما ينفر الناس عن قبول الدعوة منهم من عاهات جسدية أو أمراض منفرة كبرص وجذام وخروج دود من البدن. وأما ما يُروى عن نبي الله أيوب أن مرضه كان بحيث يخرج الدود من جسده وأنه أكل جسمه فهو غير صحيح والناس ينفرون عمن هذا حاله والله تبارك وتعالى لا يبتلي نبيا من أنبيائه بما ينفر الناس عنه وقد أرسله ليبلغهم دينه. وكذلك إخوة الإيمان حفِظَ الله تبارك وتعالى أنبياءه عن الرذالة والسفاهة فليس بين الأنبياء من هو رذيل يختلس النظر إلى النساء الأجنبيات بشهوة مثلا ولا من هو سفيه يشتم يمينا وشمالا وما يرويه بعض الناس عن نبيّ الله داود عليه السلام أنه نظر مرّة فرأى امرأة قائد جيشه تغتسل عارية فصار ينظر إليها وقد أعجبته فبعث زوجها للقتال ليأخذ زوجته باطل غير صحيح كيف وهذا مما لا يرضى أرذال الناس أن ينسب إليهم فكيف تصح نسبته إلى نبي من أنبياء الله أرسله ربه عز وجل ليعلم الناس مكارم الأخلاق.

إخوة الإيمان، وكذلك حفظ الله تعالى أنبياءه من المعاصي الكبائر كشرب الخمر والزنا فلا يصح ما افتراه بعض الناس على نبي الله لوط من أنه شرب الخمر وزنى بابنتيه ولا ما نسبه بعضهم إلى نبي الله يوسف عليه السلام من انه أراد الزنا بامرأة العزيز فإنه أعلى مقاما من أن يزني أو يهم بالزنا وإنما قوله تعالى ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ معناه هي من أرادت به الزنا فهمَّت به لِيزني بها وهمَّ يوسف بدفعها عنه لولا أنْ رأى برهان ربه أنه إن دفعها تدَّعي أنه أراد إجبارها على الفاحشة فلم يفعل واتجه إلى الباب للخروج فجَذَبت قميصه من خلف فشقته، فاتَّهمت يوسف بأنه أراد أن يزني بها وبرَّأ يوسف نفسه من هذا العمل القبيح فشهد شاهد من أهلها أن انظروا إنْ كان قميصه شقَّ من خلف فصدق وهي من الكاذبين وإن كان قميصه شقَّ من أمام فصدقت بدعواها أنه أراد بها الزنا فتمَنَّعَت، فنظروا فوجدوا قميصه قد شقَّ من خلف كما أخبر ربُّنا تبارك وتعالى في القرءان ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) ﴾ ثم اعترفت امرأة العزيز بأنها هي التي أرادت به الزنا فاسْتَعْصَمَ قال تبارك وتعالى ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)﴾ فالحذر الحذر إخوة الإيمان من أي قول ينسب أحدا من الأنبياء إلى سفاهة أو خلق رذيل واعلموا أن كل نبي من أنبياء الله يجب أن يتصف بالصدق والأمانة والصيانة فيستحيل عليهم الكذب والخيانة والرذالة والسفاهة، وتجب لهم الفطانة أي شدة الذكاء فيستحيل في حقهم الغباوة وبلادة الذهن كما تجب لهم الشجاعة ويستحيل في حقهم الجبن وهم جميعهم مسلمون مؤمنون لا يحصل من أحد منهم كفر قبل النبوة ولا بعدها، ولا يقعون في كبائر الذنوب ولا في الصغائر التي تدل على خساسةِ فاعلها كسرقة حبة عنب، وأما المعصية الصغيرة التي لا خسة فيها ولا دناءة فقد تحصل نادرا من النبي لكنه ينبه فورا للتوبة منها قبل أن يقتديَ به في هذه المعصية أحد من قومه.

سَيِّدُنا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلام كانَ نَبِيّاً صِدِّيقاً ولَم يَحْصُل مِنْهُ أنْ هَمَّ بالزِّنى بامْرَأةِ العَزيز كَما هُوَ مَذْكور في بَعْضِ الكُتُب كَتَفْسيرِ الجَلالَيْن [وهذا دسٌّ وافتراء]، وأمّا قَوْلهُ تَعالى في سُورَةِ يُوسُف "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أن رَأى بُرْهانَ رَبِّه" فَلَيْسَ مَعْناهُ أنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلام هَمَّ بالزِّنا بامْرَأةِ العَزيز، بَل بَيَّنَ الرّازِيُّ في تَفْسيرِهِ بُطْلانَ هَذا القَوْلِ وَأنَّهُ لا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الآيَةِ على أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلام هَمَّ بالزِّنا فَقالَ أنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلام كانَ بَرِيئًا عَنِ العَمَلِ الباطِلِ والهَمِّ الـمُحَرَّمِ وَهَذا قَوْلُ الـمُحَقِّقينَ مِنَ الـمُفَسِّرينَ وَالـمُتَكَلِّمينَ وَبِهِ نَقولُ وَعَنْهُ نَذِبُّ ا.هـ.

وَقالَ في كتابِ عِصْمَةِ الأنْبياء فِي تَفْسيرِ الآيَةِ الوَجْهُ الثّانِي فِي حَمْلِ الهَمِّ عَلى العَزْمِ أن يُحْمَلَ الكلامُ على التَّقْديمِ وَالتَّأخَيرِ والتَّقْديرُ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَلَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بِها وَيَجْري ذَلِكَ مُجْرى قَوْلِكَ قَدْ كُنْتُ هَلَكْتُ لَوْلا أن تَدارَكْتُهُ ا.هـ. وهذا دَليل على نَفْيِ الهَمّ عَنْ يوسُف بالـمَرَّة. ولِكَي يٌفْهَم ذَلِك يُقال عِنْدَ شَرْحِ الآيَة : نَقول "وَلَقَد هَمَّت بِه" ونَقِفُ هُنا للبَيان فَنَقول أي امْرأة العَزيز واسْمُها زَلِيخَة أرادَت مِن يوسُف عَلَيْهِ السّلام أنْ يَقَعَ بِها هِيَ أرادَت مِنْهُ ذَلِك، ثُمَّ نَقول "وهَمَّ بِها لَوْلا أنْ رأى بَرْهانَ رَبِّه" مَعْناهُ اللهُ أراهُ البُرْهان فَلَم يَحْصُل مِنْهُ هَمٌّ بالـمَرَّة. وتَقْريبُ ذَلِك لَوْ أرادَ شّخْصٌ أنْ يَزورَ صاحبَه فأتى صاحِبُهُ إلَيْه فقالَ لَه "لَوْلا أنَّكَ أتَيْت كُنْتُ زُرْتُكَ أو ذَهَبْتُ إلَيْك" مَعْناهُ جِئْتَ فَلَم أذْهَب.

والتَّفْسير الآخَر لِهَذِهِ الآيَة هَوَ : "وهَمَّ بِها" أي هَمَّ بِدَفْعِها، "لَوْلا أنْ رأى بَرْهانَ رَبِّه" أي اللهُ تَعالى ألْهَمَهُ أنَّكَ إنْ دَفَعْتَها عَنْكَ تُتَّهَمُ في ذَلِكَ فَيَقولون التُّهَمَةُ عَلَيْكَ لأنَّكَ أنْتَ دَفَعْتَها. فَلِذَلِكَ سَيِّدُنا يوسُف عَلَيْهِ السَّلام انْصَرَفَ فَهِيَ قَدَّت قَميصَهُ مِن خَلْف فَكانَت الحُجَّةُ عَلَيْها، لأنَّهُم حينَ قالوا لِنَنْظُر في هذا الأمْر إنْ كانَ قَميصَهُ قَد قُدَّ أي شُقَّ مِن قُبُل أي مِنَ الأمام فَصَدَقَت لأنَّها هِيَ كانَت اتَّهَمَتْهُ بِذَلِك، وإنْ كانَ قَميصَهُ قَد قُدَّ مِن دُبُر أي مِنَ الخَلْف فَكَذَبَت وهِوَ مِنَ الصَّادِقين. فَلَمّا ظَهَرَ الدَّليل اعْتَرَفت وقالَت الآن ظَهَرَ الحَق أنا راوَدْتُّهُ عَن نَفْسِه، أي أنا أرَدْتُ مِنْهُ ذَلِك. الأنْبِياء لا يَخْتَلونَ بِنِساءٍ أجْنَبِيّات لَكِن هِيَ عَمِلَت حيلَة حَتّى صارَت مَعَهُ فَغَلَّقَت الأبْواب فَلَمّا رَفَضَ عَلَيْهِ السَّلام أنْ يَقَعَ فيما هِيَ أرادَت مِنْهُ انْصَرَفَ فَلَحْقَت بِهِ وشَقَّت قَميصَهُ مِن خَلْف. اللهُ تَعالى عَصَمَ يُوسُف وجَميع الأنْبِياء في أنْ يَقَعوا في مِثْلِ هذا الأمْر.

فالله الله عباد الله عظموا أنبياء الله تعالى واعرفوا حق قدرهم وما وجب من رفعة شأنهم وإياكم ونسبة ما لا يليق إليهم فإنه من المهلكات

 

ءادم أشاعرة أنبياء أيوب إبراهيم إسلام دين أنبياء الأنبياء الإسلام دين الأنبياء إسلام دين الحق الرسل والأنبياء ثقافة إسلامية دروس دينية إسلامية عيسى لوط محمد نبي أركان إيمان أصول إيمان إيمان إيمان بالله إيمان وما يبطله الرسل والأنبياء توحيد توحيد الله دروس دينية إسلامية عقيدة إسلامية أهل السنة أنبياء إيمان بالله يوم آخر آخرة كتب سماوية ملائكة ءادم آدم أنبياء أنبياء مسلمون إبراهيم إسلام إيمان إسلام دين أنبياء إسلام دين أنبياء إسلام دين الحق الرسل والأنبياء ثقافة إسلامية خطب خطب الجمعة خطب الجمعة المكتوبة خطب الجمعة قصيرة خطب جمعة جاهزة خطب جمعة جديدة خطب جمعة قصيرة خطب جمعة مؤثرة خطب جمعة مؤثرة مكتوبة خطب جمعة مختصرة خطب جمعة مكتوبة خطب جمعة مكتوبة جديدة خطب جمعة مكتوبة مؤثرة خطب جمعه مؤثره مكتوبه خطبة الجمعة خطبة الجمعة قصيرة ومكتوبة خطبة الجمعة مكتوبة ومشكولة خطبة جمعة خطبة جمعة قصيرة عن التوكل على الله خطبة مكتوبة قصيرة خطبة منبرية مكتوبة دروس دينية إسلامية صاحب ساحب صديق صالح صفات أنبياء صفات رسل عصمة أنبياء عصمة رسل عيسى لوط محمد معجزات الرسول معجزة مواقع خطب مواقع خطب الجمعة المكتوبة موقع خطبة موقع خطبة الجمعة براءة نبي يوسف قصة نبي يوسف تفسير وهم بها معنى وهم بها سورة يوسف