زيارةُ قبر النبي محمد. خطبة جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الأولى :

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه و نستغفرُه و نستعينُه و نستهديه و نعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا و من سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِ اللهُ فلا مُضلَ له ومن يُضْللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له و أشهدُ أن محمدًا عبدُه و رسولُه من بعثَهُ الله رحمةً للعالمين هاديًا ومبشرًا و نذيرًا بلَّغَ الرسالةَ و أدَّى الأمانةَ ونصحَ الأمةَ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيَر ما جزى نبيًا من أنبيائِه صلواتُ اللهِ و سلامُه عليه و على كل رسولٍ أرسلَهُ،عبادَ اللهِ أُوصي نفسي و أوصيكم بتقوى اللهِ العظيمِ و الثباتِ على الحق المبينِ و أستفتحُ بالذي هو خيرٌ ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾.

إخوةَ الإيمان، كلما اقتربَ موعدُ شدِ الرِحالِ للسفرِ لأداءِ فريضةِ الحجِ العظيمةِ يشتعلُ قلبُ المحب شوقًا لزيارةِ مدينةِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه و سلمَ المدينةِ المنورةِ التي تنورتْ وشعَ نورُها بأنْ ضمتْ جسدَ خيرِ الورى وخيرِ مَن وطِىءَ الثَرى سيدِ الأولينَ و الآخرينَ سيدِنا محمدٍ صلَّى اللهُ عليه و سلم ولزيارةِ قبرِهِ عليهِ الصلاةُ و السلامُ و لتكتحل العيونُ برؤيةِ الروضةِ المباركةِ ولتمسَ الأيدي مكانًا مسَّهُ رسولُ الله،ِ مكانًا ملأتْهُ البركةُ بتبركِهِ بالحبيبِ المصطفى صلَّى الله عليه و سلم لينطقَ القلبُ و اللسانُ معًا: " السلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ السلامُ عليكَ يا نبيَ اللهِ السلامُ عليك يا خيرةَ اللهِ السلامُ عليكَ يا صفوةَ اللهِ السلامُ عليك يا حبيبَ اللهِ السلامُ عليكَ يا نبيَ الرحمةِ السلامُ عليكَ يا خيرَ خلقِ الله أجمعين " فيعمُرُ القلبُ بالنورِ و السُرورِ بلُقيا الحبيبِ الأعظمِ صلى الله عليه و سلم و يسْعَدُ من أخلصَ لله تعالى بالبِشارةِ النبويةِ: « مَنْ زارَ قبري وجبتْ له شفاعتي ».

إخوةَ الإيمانِ إن زيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم من أعظم القُرَبِ إلى الله تعالى، فاعلموا رحمَكم الله ووفقكم أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم مشروعة ومطلوبة بالكتاب و السنة و الإجماع و القياس، أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴾ سورة النساء، ءاية 64 فهذه الآية دلت على حث الأمة على المجىء إليه صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم و هذا لا ينقطع بموته و دلت أيضا على أن تلك المزية تحصل بمجيئهم واستغفارهم واستغفار الرسول لهم، وصح في مسلم عن بعض الصحابة أنهم فهموا من الآية ذلك.

و أما السنة فأحاديث كثيرة منها ما رواه البيهقي و الدارقطني و صححه السبكي « من زار قبري وجبت له شفاعتي » و ما روى أبو داود عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من زارني لا تهمه إلا زيارتي كنت له شفيعًا أو شهيدًا ».

وروى الطبراني عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم « من جاءني زائرًا لا تحمله إلا زيارتي كان حقًا عليَّ أن أكون له شفيعًا » وفي حديث الحاكم و أبي داود الطيالسي أن سيدنا عيسى عليه السلام عندما ينزل يزور قبر النبي ويسلم عليه فيرد عليه السلام، وغيره من الأحاديث كثير كثير.

وأما الإجماع فقد أجمع العلماء من شافعية و حنفية و مالكية و حنابلة وغيرهم (الذي نقله السبكي والقاضي عياض) على أن زيارة النبي صلى الله عليه و سلم مشروعة مطلوبة. و أما القياس فقد جاء أيضًا من السنة الصحيحة الحث على زيارة القبور، فقبر نبينا محمد صلى الله عليه و سلم أولى منها وأحرى وأحق وأعلى، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم زار أهل البقيع و شهداء أحد، فقبره الشريف أولى لما له من الجاه العظيم. ففي زيارته البركة و الرحمة إذ إن النبي صلى الله عليه و سلم بركة في حال حياته و بعد موته و المكان الذي مسه، إذ ليس المراد من التمسح بالقبر أو الحجر أو الخشب عينه إنما المراد من مسه من في داخله، فمرامنا و بغيتنا التماس بركة رسول الله من هذا الحجر كما قال سيدنا أبو أيوب الأنصاري عندما أُنكِرَ عليه مجيئه إلى قبر النبي عليه الصلاة و السلام: " أتيت رسول الله و لم ءاتِ الحجر " فالنبي بركة وأجزاؤه بركة وموضعه بركة وهو من علَّم الصحابة أن يتبركوا به عندما وزّع شعره على الناس و عندما وزع قلامة أظافره على الناس.

وأما حديث: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام و المسجد الأقصى و مسجدي هذا " فالحديث كما فهمه السلف و الخلف أنه لا فضيلة زائدة في السفر لأجل الصلاة في مسجد إلا إلى هذه المساجد الثلاث، و هذا تبينه الرواية التي رواها الإمام أحمد عن أبي سعيد مرفوعًا: « لا ينبغي للمطي أن تعمل إلى مسجد تبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا » وهذا الحديث حسَّنه الحافظ ابن حجر العسقلاني و هو مبينٌ لمعنى الحديث السابق. إخوة الإيمان إن زيارة الحبيب خيرٌ وبركةٌ وسعادة فكم من مكروبٍ كشف الله عنه الكرب ببركة الحبيب ومن سقيم شفاه الله ببركة الحبيب و كم من مذنب ارتكب الذنوب و الخطايا فغفر الله له ببركة الحبيب فقد ذكر الحافظ السِمعاني عن علي رضي الله عنه قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبي ووضع من ترابه على رأسه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك وكان فيما أنزل عليك ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء ءاية 64] وقد ظلمت نفسي و جئتك تستغفر لي فنودي من القبر إنه قد غُفر لك.

فشدوا الرحال عباد الله لزيارة رسول الله و شفيعنا عند الله إن شاء الله واقصدوا قبره العظيم فإنه دار الحبيب:

دار الحبيب أحق أن تهواهــا   و تحن من شوق إلى ذكراها
دار بها خير الأنــام محـمد   يا سعد من نال المنى برؤاها
والمســك فاح بروضة نبوية   يا سعد من وافى بديع سناها
يا سعد من أهدى السلام   لأحمد عند المقام بحالة يرضــاها
نال الشفاعة و الكرامة مذ غدا    ضيف الذي وسع البرية جاها

هذا و أستغفر الله لي و لكم.

الخطبة الثانية:

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُهُ ونستغفرُهُ ونستعينُهُ ونستهديه ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يـهد الله فلا مُضِل له ومن يُضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُهُ ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى كلِ رسولٍ أرسله. أمَّا بعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ العظيم.

يقولُ اللهُ تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يَا أيُّها الناس اتَّقوا ربَّكم إنَّ زلزلة الساعة شئ عظيم، يومَ ترونـها تذهل كل مرضعة عمَّا أرضعت وتضع كل ذاتِ حملٍ حملها ، وترى الناسَ سُكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ﴾. واعلموا أن الله أمركم بأمر عظيم أمركم بالصلاة على نبيِّه الكريم فقالَ: ﴿ إنَّ الله وملائكته يصلُّونَ على النبيّ يا أيُّها الذينَ ءامنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليماً ﴾ اللهمَ صلِ على محمَّد وعلى ءالِ مُحَمَّد كما صلَّيْتَ على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم وبارك على مُحَمَّد وعلى ءالِ مُحَمَّد كما باركت على إبراهيم وعلى ءالِ إبراهيم إنَّكَ حميدٌ مجيد، اللهمَّ إنَّا دعوناكَ فاستجب لنا دعاءنا فاغفرْ اللهمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللهُمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهُمَّ اجعلْنا هداةً مهتدين غير ضالِّين ولا مضلِّين اللهُمَّ استرْ عوراتِنا وءامن روعاتِنا واكفِنا ما أهَمَّنا وقنا شرّ ما نتخوَّف.

عباد الله إنَّ الله يأمر بالعدلِ والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكُم لعلَّكُم تذكرون. اذكُروا اللهَ العظيم يذكُرُكُم واشكروه يزِدكُم ، واستغفروهُ يغفر لكُم واتَّقوهُ يجعل لكُم من أمركُم مخرجاً، وأقِمْ الصلاة.

ثقافة إسلامية خطب خطب الجمعة خطب الجمعة المكتوبة خطب الجمعة قصيرة خطب جمعة جاهزة خطب جمعة جديدة خطب جمعة قصيرة خطب جمعة مؤثرة خطب جمعة مؤثرة مكتوبة خطب جمعة مختصرة خطب جمعة مكتوبة خطب جمعة مكتوبة جديدة خطب جمعة مكتوبة مؤثرة خطب جمعه مؤثره مكتوبه خطبة الجمعة خطبة الجمعة قصيرة ومكتوبة خطبة الجمعة مكتوبة ومشكولة خطبة جمعة خطبة جمعة قصيرة عن التوكل على الله خطبة مكتوبة قصيرة خطبة منبرية مكتوبة دروس دينية إسلامية زيارة رسول زيارة مدينة قبر رسول قبر نبي مدينة منورة مسجد نبوي مواقع خطب مواقع خطب الجمعة المكتوبة موقع خطبة موقع خطبة الجمعة قبة خضراء