تفسير سورة الأنبياء آية 87

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

87 - وَذَا النُّونِ أَيِ اذْكُرْ صَاحِبَ الْحُوتِ وَالنُّونُ الْحُوتُ فَأُضِيفَ إِلَيْهِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا حَالٌ أَيْ : مُرَاغِمًا لِقَوْمِهِ وَمَعْنَى مُغَاضَبَتِهِ لِقَوْمِهِ أَنَّهُ أَغْضَبَهُمْ بِمُفَارَقَتِهِ لِخَوْفِهِمْ حُلُولَ الْعِقَابِ عَلَيْهِمْ عِنْدَهَا رُوِيَ: أَنَّهُ بَرِمَ بِقَوْمِهِ لِطُولِ مَا ذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَتَّعِظُوا وَأَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ فَرَاغَمَهُمْ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَسُوغُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا غَضَبًا لِلَّهِ وَبُغْضًا لِلْكُفْرِ وَأَهْلِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَابِرَ وَيَنْتَظِرَ الْإِذْنَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُهَاجَرَةِ عَنْهُمْ فَابْتُلِيَ بِبَطْنِ الْحُوتِ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَقَدْ ضَرَبَتْنِي أَمْوَاجُ الْقُرْآنِ الْبَارِحَةَ فَغَرِقْتُ فِيهَا فَلَمْ أَجِدْ لِنَفْسِي خَلَاصًا إِلَّا بِكَ قَالَ وَمَا هِيَ يَا مُعَاوِيَةُ ؟ فَقَرَأَ الْآيَةَ فَقَالَ أَوَ يَظُنُّ نَبِيُّ اللَّهِ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ هَذَا مِنَ الْقَدْرِ [أي التضييق] لَا مِنَ الْقُدْرَةِ، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَيْ : فِي الظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ الْمُتَكَاثِفَةِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ كَقَوْلِهِ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ أَوْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَالْبَحْرِ وَبَطْنِ الْحُوتِ، أَنْ أَيْ : بِأَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ أَوْ بِمَعْنَى أَيْ : سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لِنَفْسِي فِي خُرُوجِي مِنْ قَوْمِي قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لِي ، فِي الْحَدِيثِ : "مَا مِنْ مَكْرُوبٍ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ ".

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة الأنبياء آية 87