تفسير سورة البقرة آية 28

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

28 - كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ مَعْنَى الْهَمْزَةِ الَّتِي فِي كَيْفَ مثلُه فِي قَوْلِكَ: أَتَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَمَعَكُمْ مَا يَصْرِفُ عَنِ الْكُفْرِ !، وَيَدْعُو إِلَى الْإِيمَانِ، وَهُوَ الْإِنْكَارُ وَالتَّعَجُّبُ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُكَ: أَتَطِيرُ بِغَيْرِ جَنَاحٍ ؟! وَكَيْفَ تَطِيرُ بِغَيْرِ جَنَاحٍ ؟! وَالْوَاوُ فِي وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا نُطَفًا فِي أَصْلَابِ آبَائِكُمْ لِلْحَالِ (هذه الواوُ للحالِ) وَقَدْ مُضْمَرَةٌ (مقدّرةٌ). وَالْأَمْوَاتُ: جَمْعُ مَيْتٍ، كَالْأَقْوَالِ جَمْعُ قَيْل وَيُقَالُ لِعَادِمِ الْحَيَاةِ أَصْلًا: مَيِّتٌ أَيْضًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْدَةً مَيْتًا [الْفُرْقَانُ: 49].

فَأَحْيَاكُمْ فِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ لِلْبَعْثِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ تَصيرُونَ إِلَى الْجَزَاءِ، أَوْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فِي قُبُورِكُمْ، ثُمَّ إِلَيْهِ تَرجِعونَ لِلنُّشُورِ. وَإِنَّمَا كَانَ الْعَطْفُ الْأَوَّلُ بِالْفَاءِ وَالْبَوَاقِي بِثُمَّ ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَقَّبَ الْمَوْتَ بِلَا تَرَاخٍ، وَأَمَّا الْمَوْتُ فَقَدْ تَرَاخَى عَنِ الْحَيَاةِ، وَالْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ تَتَرَاخَى عَنِ الْمَوْتِ إِنْ أُرِيدَ النُّشُورُ، وَإِنْ أُرِيدَ إِحْيَاءُ الْقَبْرِ فَمِنْهُ يُكْتَسَبُ الْعِلْمُ بِتَرَاخِيهِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْجَزَاءِ أَيْضًا مُتَرَاخٍ عَنِ النُّشُورِ، وَإِنَّمَا أُنكِرَ اجْتِمَاعُ الْكُفْرِ مَعَ الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ تَصْرِفُهُمْ عَنِ الْكُفْرِ، وَلِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى نِعَمٍ جِسَامٍ حَقُّهَا أَنْ تُشكَرَ وَلَا تُكفَرَ.

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير قرآن كامل تفسير سورة البقرة آية 28