تفسير سورة البقرة من آية 89 إلى 91

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

من تفسير الإمام النسفي (ت 710 هـ) مدارك التنزيل وحقائق التأويل:

{وَلَمَّا جَاءَهُمْ} أي اليَهُودَ

{كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي القُرآنُ

{مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} مِن كِتَابِهم لا يُخَالِفُه

{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ} يَعني القُرآنَ

{يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} يَستَنصِرُونَ على المشركِينَ إذَا قَاتَلُوهُم قَالوا : اللّهُمَّ انصُرْنَا بالنَّبيّ الْمَبعُوثِ في آخِرِ الزّمَانِ الذي نَجِدُ نَعْتَهُ في التّورَاةِ ، ويَقُولُونَ لأَعْدَائِهِمُ المشركِينَ : قَدْ أَظَلَّ زَمَانُ نَبيّ يَخرُج بتَصدِيقِ مَا قُلنَا فنَقتُلُكُم مَعَه قَتْلَ عَادٍ وإِرَم.

{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} أي مَا عَرَفُوه

{كَفَرُوا بِهِ} بَغْيًا وحَسَدًا وحِرصًا على الرّيَاسَةِ.

{فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89)} أي علَيهِم وَضْعًا للظّاهِر مَوضِعَ المضمَرِ للدِّلالَةِ على أنّ اللّعنَةَ لَحِقَتْهُم لِكُفرِهِم.

{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} أي بئسَ شَيئًا بَاعُوهُ (والذي بَاعُوهَا بهِ قَلِيلٌ مِنَ الدُّنْيَا)

{أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} يعني القُرآنَ.

{بَغْيًا} أي حَسَدًا وطَلَبًا لِمَا لَيسَ لهم ، وهوَ عِلّةُ اشْتَرَوا

{أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} أي حَسَدُوهُ على أنْ يُنزِلَ اللهُ مِن فَضْلِه الذي هوَ الوَحْيُ

{عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} وهوَ محَمَّدٌ علَيهِ السَّلامُ.

{فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} فصَارُوا أَحِقّاءَ بغَضَبٍ مُتَرادِفٍ لأَنَّهم كفَرُوا بنَبيّ الحَقّ وبَغَوا علَيهِ أو كفَرُوا بمحَمَّدٍ بَعدَ عِيسَى علَيهِمَا السَّلام ، أو بَعدَ قَولِهم عُزَيرٌ ابنُ اللهِ وقَولِهم يَدُ اللهِ مَغلُولَةٌ وغَيرِ ذَلكَ.

{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)} مُذِلٌّ.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} لهؤلاءِ اليَهُود.

{آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} يَعني القرآن ، أو مُطلَقٌ يَتنَاوَلُ كُلَّ كِتَابٍ

{قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} أي التّورَاةِ.

{وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} أيْ قَالُوا ذَلكَ والحَالُ أَنَّهم يَكفُرُونَ بما وَراءَ التّورَاةِ.

{وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} غَيرَ مُخَالِفٍ لهُ وفيهِ رَدٌّ لِمَقَالَتِهِم لأَنَّهم إذَا كَفَرُوا بما يُوافِقُ التّورَاةَ فَقَد كَفَرُوا بها ، ومُصَدّقًا حالٌ مؤكِّدَةٌ.

{قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ} أي فَلِمَ قَتَلتُم فَوُضِعَ الْمُستَقبَلُ مَوضِعَ الماضِي ويَدُلُّ علَيهِ قَولُهُ

{مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91)} أيْ مِن قَبْلِ محَمَّدٍ علَيهِ السَّلامُ ، اعتِرَاضٌ علَيهِم بقَتْلِهِمُ الأنبِيَاءَ معَ ادّعَائِهِمُ الإيمانَ بالتّورَاةِ والتّورَاةُ لا تُسَوِّغُ قَتْلَ الأنبِيَاءِ.

قِيلَ : قَتَلُوا في يَومٍ واحِدٍ ثَلاثِمائةِ نَبيّ في بَيتِ الْمَقدِس. (ليسَ ثَابتًا إنّما هوَ كَلامُ المؤرّخِينَ)

سني أهل السنة دروس دينية إسلامية ثقافة إسلامية تفسير قرآن تفسير سورة البقرة تفسير النسفي منافقين منافق