تفسير سورة يس من الآية 33 إلى الآية 36

الحمدُ للهِ ربّ العالمين لهُ النِعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن

صَلَوَاتُ اللهِ البَرّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ الـمُرسَلِين وحَبِيبِ رَبّ العَالمين

وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النَّبِيّينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلٍ والصَّالِحين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين

يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿وَءَايَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الـمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ {33} وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مّنْ نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ العُيُونِ {34} لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ {35} سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ {36}﴾

إنَّ اللهَ سُبْحَانهُ وتَعَالى يَقُول ﴿وَءَايَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الـمَيْتَةُ﴾ أَي وَعَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلى أَنَّ اللهَ يَبْعَثُ الـمَوْتَى إِحْيَاءُ الَأَرضِ الـمَيْتَةِ أَي اليَابِسَة

﴿أَحْيَيْنَاهَا﴾ بِالـمَطَر، وَهُوَ استِــــئْــنَافٌ، بَيَانٌ لِكَونِ الأَرْضِ الـمَيْتَةِ ءَايَة. وَيَجُوزُ أَنْ تُوصَفَ الأَرْضُ وَالليْلُ بِالفِعْلِ لِأَنَّهُ أَرِيدَ بِهِمَا جِنْسَانِ مُطْلَقَان لا أَرْضٌ وَلَيْلٌ بِأعْيَانِهِمَا فَعُومِلَا مُعَامَلَةَ النَّكِرَات فِي وَصْفِهِمَا بِالأَفْعَال

﴿وَأَخْرَجنَا مِنْهَا حَبًّا﴾ أُرِيدَ بِهِ الجِنْس

﴿فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ﴾ قُدِمَ الظَّرْفُ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الحَبَّ هُوَ الشَّىْءُ الّذِى يَتَعَلَّقُ بِهِ مُعْظَمُ العَيْش، وَيَقُومُ بِالارتِزَاقِ مِنْهُ صَلَاحُ الإنْس وَإِذَا قَلَّ جَاءَ القَحْطُ وَوَقَعَ الضُّــرُّ وإِذَا فُقِدَ حَضَرَ الهَلَاكُ وَنَزَلَ البَلَاء

﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا﴾ فِي الأرْضِ

﴿جَنَّاتٍ﴾ بَسَاتِين

﴿مّنْ نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ العُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ﴾ وَالضَّمِيرُ لِلَّهِ تَعَالَى، أَي لِيَأْكُلُوا مِمَّا خَلَقَهُ اللهُ مِنَ الثَّمَرِ مِمَّا يَنْتَفِعُونَ بِه

﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِم﴾ أَي وَمِمَّا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِم مِنَ الغَرْسِ وَالسَّقي والتَّلْقِيحِ وَغَيْرِ ذلِك مِنَ الأعْمَالِ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الثَّمَرُ مَنْتَهَاه. يَعْنِي أَنَّ الثَّمَرَ فِي نَفْسِهِ فِعْلُ اللهِ وَخَلْقُهُ وَفِيهِ ءَاثَارٌ مِنْ كَدّ بَنِي ءَادَم

﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾ اسْتِبْطَاءٌ وَحَثٌّ عَلَى شُكْرِ النّعْمَة

﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ﴾ الأصْنَاف

﴿كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ﴾ مِنَ النَّخِيلِ وَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَالثَّمَر

﴿وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ الأوْلادَ ذُكُورًا وإنَاثًا

﴿وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ وَمِنْ أَزْوَاجٍ لَم يُطْلِعْهُمُ اللهُ عَلَيْهَا وَلَا تَوَصَّلُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا. فَفِي الأوْدِيَةِ وَالبِحَارِ أَشْيَاءُ لَا يَعْلَمُهَا النَّاس

وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِ العَالمين، رَبَّنَا اغْفِر لنَا وَلإخْوَانِنَا الّذينَ سَبَقُونَا بِالإيمَان رِبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَة وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ النَّار،

وَءَاتِنَا أَفْضَلَ مَا تُؤتِي عِبَادَكَ الصَّالِحين وَاجْعَلنا مِن عِبَادِكَ الـمَرضِيّينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِن وَأَخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِين

تفسير القرآن الكريم تفسير النسفي تفسير قرآن أهل السنة والجماعة تفسير سورة يس آية 33 إلى 36