خطبة الجمعة عن أَحْكامِ الحَجِّ

بِسمِ اللهِ الرَّحمـنِ الرَّحِيم

إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُ هُوَ نَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيْه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَمِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي فَرَضَ الحَجَّ وجَعَلَ لَهُ مِيزَةً لَيْسَتْ في غَيْرِهِ مِنَ الفَرائِضِ، فَمَنْ كانَ حَجُّهُ مَبْرُورًا رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فَكانَ ذَنْبُهُ مَغْفُورًا وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا مَثِيلَ لَهُ وَلا ضِدَّ وَلا نِدَّ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا وَحَبِيبَنا وَعَظِيمَنا وَقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا محَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ هادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا فَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنا محمدٍ وَعَلى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ.

أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ. يَقُولُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى في كِتابِهِ العَزِيزِ ﴿ وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ ﭐسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ﴾سورة ءال عمران/97

ويَقُولُ ﴿ الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَﭐتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾ سورة البقرة / 197.

اللهُ تَبارَكَ وتَعالى فَرَضَ عَلَيْنا الحَجَّ عَلى الْمُسْتَطِيعِ مِنّا فَهُوَ فَرْضٌ بِالإِجْماعِ عَلى الْمُسْلِمِ إِذا كانَ حُرًّا بالِغًا عاقِلاً مُسْتَطِيعًا. فَإِنْ كُنْتَ يا أَخِي الْمُسْلِمَ قادِرًا عَلى نَفَقَةِ الحَجِّ بِما يُوصِلُكَ ويَرُدُّكَ إِلى وَطَنِكَ زِيادَةً عَنْ دَيْنِكَ وعَنْ ما تَحْتاجُهُ لِمَسْكَنِكَ وكِسْوَتِكَ اللائِقَيْنِ بِكَ ومُؤْنَةِ زَوْجَتِكَ وأَوْلادِكَ الصِّغارِ وغَيْرِهِمْ مِمَّنْ عَلَيْكَ نَفَقَتُهُمْ مِنْ مَسْكَنٍ وكِسْوَةٍ وطَعامٍ مُدَّةَ ذَهابِكَ إِلى الحَجِّ ورُجُوعِكَ مِنْهُ فَإِنَّكَ مُسْتَطِيعٌ يَجِبُ عَلَيْكَ الحَجّ، وأَمّا غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ الحَجُّ ولَكِنْ لَوْ حَجَّ صَحَّ حَجُّهُ.

فَإِنْ عَزَمْتَ عَلى الحَجِّ فَٱعْلَمْ أَنَّ لِلْحَجِّ شُرُوطًا وأَرْكانًا وواجِباتٍ ومُحَرَّماتٍ يَجِبُ تَعَلُّمُها عَلى مَنْ أَرادَ الدُّخُولَ في هَذا العَمَلِ لِأَنَّ الجَهْلَ بِها قَدْ يُوقِعُكَ في أَمْرٍ يُفْسِدُ حَجَّكَ وأَنْتَ لا تَدْرِي ولِذَلِكَ قالَ العُلَماءُ إِنَّهُ يَجِبُ عَلى مَنْ أَرادَ الدُّخُولَ في شَىْءٍ أَنْ يَعْلَمَ ما يَحِلُّ مِنْهُ وما يَحْرُمُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيه، نَسْأَلُ اللهَ تَعالى أَنْ يُفَقِّهَنا في الدِّين.

ويَجِبُ تَعَلُّمُ هَذِهِ الأُمُورِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ ولَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْمُطالَعَةِ في الكُتُبِ فَكَمْ مِنْ أُناسٍ قَرَأُوا الكُتُبَ مِنْ غَيْرِ تَلَقٍّ عَلى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَضَلُّوا وأَضَلُّوا إِمّا لِخَطَإٍ فِيها وإِمّا لِعَدَمِ فَهْمِهِمْ لِعِباراتِهمْ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ كَما يُحْكَى أَنَّ رَجُلاً رُئِيَ يَطُوفُ ومَعَهُ سِكِّينٌ وفَأْرٌ فَلَمّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قالَ هَكَذا قَرَأْتُ في بَعْضِ الكُتُبِ فَلَمّا جُلِبَ الكِتابُ اتَّضَحَ أَنَّهُ أَخْطَأَ في القِراءَةِ والأَصْلُ أَنْ يَطُوفَ بِسَكِينَةٍ ووَقَارٍ.

وها نَحْنُ اليَوْمَ في أَشْهُرِ الحَجِّ الْمُبارَكَةِ والآلافُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَهَيَّأُونَ لِزِيارَةِ البَيْتِ الحَرامِ وقُلُوبُهُمْ مُشْتاقَةٌ لِلْحَبِيبِ الْمُصْطَفَى ولِزِيارَةِ تِلْكَ البِقاعِ الطَّيِّبَةِ فَلْتَكُنْ خُطْبَتُنا اليَوْمَ عَنْ بَيانِ بَعْضِ أَحْكامِ الحَجّ.

الحَجُّ إِخْوَةَ الإِيمانِ لَهُ سِتَّةُ أَرْكانٍ مَنْ تَرَكَ واحِدًا مِنْها لَمْ يَصِحَّ حَجُّه. وأَوَّلُ هَذِهِ الأَرْكانِ الإِحْرامُ وذَلِكَ كَأَنْ تَقُولَ في قَلْبِكَ أَدْخُلُ في عَمَلِ الحَجِّ أَوْ نَوَيْت الحَجَّ وأَحْرَمْتُ بِهِ للهِ تَعالى. ولا يَصِحُّ الإِحْرامُ بِالحَجِّ إِلاَّ في أَشْهُرِ الحَجِّ الَّتِي قالَ فِيها رَبُّنا ﴿ الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ﴾ وهِيَ شَوّالُ وذُو القَعْدَةِ وعَشْرُ لَيالٍ مِنْ ذِي الحِجَّةِ فَمَنْ أَوْقَعَ نِيَّتَهُ قَبْلَ هَذا انْعَقَدَتْ نِيَّتُهُ عُمْرَةً.

وأَمَّا الرُّكْنُ الثانِي مِنْ أَرْكانِ الحَجِّ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الحاجُّ في جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَةَ ولَوْ لِلَحْظَةٍ مِنْ زَوالِ شَمْسِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلى فَجْرِ لَيْلَةِ العِيدِ ولَوْ كانَ الحاجُّ نائِمًا أَوْ راكِبًا أَوْ مارًّا ولَمْ يَمْكُثْ فِيه.

والرُّكْنُ الثالِثُ مِنْ أَرْكانِ الحَجِّ الطَّوافُ بِالبَيْتِ أَيِ الكَعْبَةِ سَبْعَ مَرّاتٍ سائِرًا أَمامَكَ جاعِلاً البَيْتَ عَنْ يَسارِكَ مُبْتَدِئًا بِالحَجَرِ الأَسْوَد. ولِصِحَّةِ الطَّوافِ أَيْضًا يُشْتَرَطُ سَتْرُ العَوْرَةِ والطَّهارَةُ عَنِ الحَدَثَيْنِ والنَّجاسَةِ لِأَنَّ الطَّوافَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلاةِ إِلاَّ أَنَّهُ يَحِلُّ فِيهِ كَلامُ النّاسِ كَما أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم.

والرُّكْنُ الرابِعُ مِنْ أَرْكانِ الحَجِّ السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفا والْمَرْوَةِ وهُما بُرُوزانِ مِنْ جَبَلَيْنِ، فَٱبْدَأْ أَخِي الحاجَّ سَعْيَكَ مِنَ الصَّفا حَتَّى تَنْتَهِيَ بِالْمَرْوَةِ فَتُحْسَبُ هَذِهِ واحِدَةً، ثُمَّ ارْجِعْ مِنَ الْمَرْوَةِ حَتَّى تَنْتَهِيَ بِالصَّفا وهَذِهِ تُعَدُّ ثانِيَةً، وهَكَذا حَتَّى تَنْتَهِيَ مِنَ الْمَرَّةِ السابِعَةِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ. لَكِنْ تَنَبَّهْ أَخِي الحاجَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّعْيِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوافٍ ولَوْ كانَ طَوافَ القُدُوم. ولا يَصِحُّ السَّعْيُ إِلاَّ في الْمَكانِ الَّذِي عَيَّنَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ لِلسَّعْيِ فِيهِ بِالإِجْماعِ فَلا يَصِحُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفا والْمَرْوَةِ في هَذِهِ الزِّيادَةِ الَّتِي جُعِلَتِ اليَوْمَ فَإِنَّها خارِجَةٌ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَيَّنَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ فَمَنْ أَرادَ صِحَّةَ سَعْيِهِ فَلْيَسْعَ في الْمَوْضِعِ القَدِيمِ في الطَّوابِقِ العُلْيا أَوِ الطابَقِ السُّفْلِيِّ.

والرُّكْنُ الخامِسُ مِنْ أَرْكانِ الحَجِّ هُوَ الحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ والحَلْقُ لِلرِّجالِ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ لِحَدِيثِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قِيلَ ولِلْمُقَصِّرِينَ يا رَسُولَ اللهِ فَأَعادَها ثَلاثًا ثُمَّ قالَ وَلِلْمُقَصِّرِينَ اهـ أَمّا النِّساءُ فَيُقَصِّرْنَ ولا يَحْلِقْنَ شُعُورَ رُؤُوسِهِنَّ. والحَلْقُ هُوَ اسْتِئْصالُ الشَّعَرِ بِالْمُوسَى وأَمّا التَّقْصِيرُ فَهُوَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الشَّعَرِ شَىْءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْصالٍ. لَكِنِ انْتَبِهْ أَخِي الحاجَّ فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ الحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ أَوْ نَتْفُ شَعْرَةٍ قَبْلَ النِّصْفِ الثانِي مِنْ لَيْلَةِ العِيدِ فَلا يَكُونُ جائِزًا مُجْزِئًا لَكَ عَنِ الرُّكْنِ إِلاَّ في وَقْتِه.

وأَمّا الرُّكْنُ السادِسُ مِنْ أَرْكانِ الحَجِّ فَهُوَ التَّرْتِيبُ في مُعْظَمِ الأَرْكانِ لِأَنَّهُ لا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الإِحْرامِ عَلَى الكُلِّ وتَأْخِيرِ الطَّوافِ والحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ عَنِ الوُقُوف.

ولِلْحَجِّ إِخْوَةَ الإِيمانِ واجِباتٌ مَنْ تَرَكَها أَثِمَ لَكِنْ لا يُفْسِدُ تَرْكُها حَجَّهُ بَلْ تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ عَلى تَفْصِيلٍ يَتَعَلَّمُهُ مُرِيدُ الحَجّ. وهَذِهِ الواجِباتُ هِيَ أَنْ يُحْرِمَ مُرِيدُ الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ مِنَ الْمِيقاتِ أَيْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي عَيَّنَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِكُلِّ بَلَدٍ لِيُحْرَمَ مِنْهُ فَيَسْأَلُ مُرِيدُ الحَجِّ أَوِ العُمْرَةِ عَنْ مِيقاتِ بَلَدِهِ لِئَلاَّ يَتَجاوَزَهُ مِنْ غَيْرِ إِحْرام.

ومِنَ الواجِباتِ أَيْضًا الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ ولَوْ وَقْتًا قَصِيرًا وكَذا الْمَبِيتُ بِمِنًى مُعْظَمَ اللَّيْلِ، وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ إِنَّ الْمَبِيتَ فِيهِما لا يَجِبُ بَلْ هُوَ سُنَّة.

ومِمّا يَجِبُ عَلى الحاجِّ رَمْيُ جَمْرَةِ العَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَياتٍ ويَدْخُلُ وَقْتُها بِمُنْتَصَفِ لَيْلَةِ العِيدِ لا قَبْلَهُ فَإِنْ رَمَى قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ. ثُمَّ في كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلاثَةِ وهِيَ الحادِيَ عَشَرَ والثانِي عَشَرَ والثالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ يَجِبُ عَلى الحاجِّ رَمْيُ الجَمَراتِ الثَّلاثِ كُلِّ جَمْرَةٍ سَبْعَ حَصَياتٍ يَرْمِيها حَصاةً حَصاةً فَلَوْ رَمَى السَّبْعَةَ دُفْعَةً واحِدَةً لَمْ تُجْزِئْه.

وٱعْلَمْ أَخِي الحاجَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلى الْمُحْرِمِ أَشْياءُ حالَ إِحْرامِهِ مِنْها التَّطَيُّبُ كَأَنْ يَضَعَ الطِّيبَ عَلى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ، ومِنْها دَهْنُ الرَّأْسِ واللِّحْيَةِ بِنَحْوِ زَيْتٍ وكَذا إِزالَةُ ظُفْرٍ وشَعَرٍ، ويَحْرُمُ أَيْضًا القُبْلَةُ واللَّمْسُ والْمُعانَقَةُ بِشَهْوَةٍ ولَوْ لِزَوْجَتِهِ. كَما أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلى الرَّجُلِ لُبْسُ ما يُحِيطُ بِبَدَنِهِ بِنَحْوِ خِياطَةٍ كَقَمِيصٍ وسِرْوالٍ وأَمّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَها لُبْسُ ذَلِكَ لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْها سَتْرُ وَجْهِها بِما يَقَعُ عَلى وَجْهِها ولُبْسُ قُفّازٍ.

وٱنْتَبِهْ أَخِي الحاجَّ فَإِنَّ الجِماعَ حَرامٌ عَلى الْمُحْرِمِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ إِحْرامِهِ تَحَلُّلاً تامًّا بِأَنْ يَطُوفَ طَوافَ الفَرْضِ ويَرْمِيَ جَمْرَةَ العَقَبَةِ ويَحْلِقَ شَعَرَهُ أَوْ يُقَصِّرَهُ فَإِنْ جامَعَ قَبْلَ فِعْلِ اثْنَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ أَعْنِي طَوافَ الفَرْضِ ورَمْيَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ والحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ فَقَدْ عَصَى رَبَّهُ وأَفْسَدَ حَجَّهُ ولَزِمَهُ أَنْ يَمْضِيَ في هَذا الحَجِّ الَّذِي أَفْسَدَهُ ثُمَّ يَقْضِيَ مِنَ السَّنَةِ القابِلَةِ وزِيادَةً عَلى ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُ بَدَنَةٍ وهِيَ أُنْثَى الجَمَلِ ويُطْعِمُ مِنْها فُقَراءَ الحَرَم.

ويَحْرُمُ عَلى الْمُحْرِمِ أَيْضًا صَيْدُ الْمَأْكُولِ البَرِّيِّ والوَحْشِيِّ. فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّماتِ فَعَلَيْهِ الإِثْمُ والفِدْيَةُ عَلى تَفْصِيلٍ يَذْكُرُهُ العُلَماءُ.

فَمَنِ اسْتَوْفَى الأَرْكانَ والواجِباتِ وٱجْتَنَبَ الجِماعَ وكَبائِرَ الذُّنُوبِ وكانَ مالُهُ الَّذِي أَنْفَقَهُ في الحَجِّ مالاً حَلالاً كانَ حَجُّهُ مَبْرُورًا داخِلاً في حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْه وسَلَّمَ مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ – أَيْ لَمْ يُجامِعْ – وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ اهـ

اَللَّهُمَّ ارْزُقْنا الحَجَّ والعُمْرَةَ وٱجْعَلْهُ مُكَفِّرًا لِذُنُوبِنا وٱرْزُقْنا زِيارَةَ الحَبِيبِ الْمُصْطَفَى وشَفاعَتَهُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

هَذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ.

الخطبة الثانية

إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ ونَستَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَن يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ على سَيِّدِنا محمّدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمِينِ وعَلى إِخْوانِهِ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِين. وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أُمَّهاتِ الْمُؤْمِنينَ وَءالِ البَيْتِ الطَّاهِرينَ وَعَنِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ أَبي بَكْرٍ وعُمَرَ وَعُثْمانَ وَعَلِيٍّ وَعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أَبي حَنِيفَةَ ومالِكٍ والشافِعِيِّ وأَحْمَدَ وَعَنِ الأَوْلِيَاءِ والصَّالِحِينَ أَمَّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَٱتَّقُوهُ. وَٱعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلى نِبِيِّهِ الكريمِ فَقالَ ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾سورة الأحزاب/56. اَللَّهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سَيِّدِنا محمدٍ كَمَا صَلَّيْتَ على سيدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِ سيدِنا محمدٍ كَمَا بارَكْتَ على سيدِنا إِبراهيمَ وعلى ءالِ سيدِنا إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اَللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْناكَ فَٱسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فَٱغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنا ذُنوبَنَا وَإِسْرافَنا في أَمْرِنا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْواتِ رَبَّنا ءاتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذابَ النَّارِ اللَّهُمَّ تَوَفَّنا وأَنْتَ راضٍ عَنّا اللَّهُمَّ وأَلْهِمْنا عَمَلَ الخَيْرِ ووَفِّقْنا إِلَيْهِ وكَرِّهْ إِلَيْنا الشُّرُورَ وٱعْصِمْنا مِنْ مُقارَفَتِها اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُداةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْراتِنا وَءَامِنْ رَوْعاتِنا وَٱكْفِنا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ ما نَتَخَوَّفُ وٱرْزُقْنا حَجًّا مَبْرُورًا مُتَقَبَّلاً، عِبادَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اُذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَٱشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَٱسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَٱتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنَ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ.

أذكار حج عمرة بئر أريس مقام إبراهيم إحرام طواف إفاضة جمرة عقبة بقيع تقصير شعر تلبية ثقافة إسلامية جمرة حج حرم مكة حرم مدينة حلق شعر مقام حمزة دروس دينية إسلامية رسول الله رمي جمرة ماء زمزم زيارة نبي محمد سعي سنة صفا مروة طواف طواف وداع وقوف عرفة قبر عمر عمرة عيد أضحى قبر نبي محمد مسجد قباء مدينة منورة مزدلفة مسجد حرم مقام مكة ملتزم منى ميزاب رحمة كعبة صلاة في مكة صلاة في مدينة صلاة في الحرم حجر إسماعيل خطبة جمعة أحكام حج أحكام الحج