خطبة جمعة : سيرة النبي محمد ﷺ نهج حياة
بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى :
الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَرْشِدُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلـٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ وَلَا مَثِيلَ، إِلـٰهًا وَاحِدًا فَرْدًا صَمَدًا لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، دَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.
اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الغُرِّ الْمَيَامِينِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللهِ، أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي الْمُقَصِّرَةَ أَوَّلًا بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ وَطَاعَتِهِ،
وَأُحَذِّرُكُمْ وَإِيَّايَ مِنْ عِصْيَانِهِ وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ.
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 128].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [آل عمران: 164].
وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» رواه مسلم.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الأَحِبَّةُ، إِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ هُوَ خَيْرُ الْبَشَرِ، أَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ، صَفْوَةُ الصَّفْوَةِ، وَنُورُ الْعَالَمِ، وَهَادٍ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَإِمَامٌ فِي الظُّلُمَاتِ، وَقُدْوَةُ الْخَلْقِ وَأُسْوَتُهُمُ الْحَسَنَةُ.
حَيَاةُ الْمُؤْمِنِ يَا عِبَادَ اللهِ فِي مَحَبَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَمَصِيرُهُ إِلَى النَّجَاةِ بِاتِّبَاعِهِ،
وَالفَوْزُ بِالْجَنَّةِ يَكُونُ بِالسَّيْرِ عَلَى هَدْيِهِ الشَّرِيفِ.
سِيرَتُهُ نُورٌ وَهَدَايَةٌ، بَاقِيَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ، تُنِيرُ لِلنَّاسِ طَرِيقَ الْحَقِّ، وَتُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.
الخطبة الثانية :
الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ،
وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
عِبَادَ اللهِ، إِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي الْخَاطِئَةَ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ، فَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُوهُ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ [النساء: 80].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31].
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ، عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمْ سِيرَةَ نَبِيِّكُمْ ﷺ، وَانْشُرُوا سُنَّتَهُ فِي بُيُوتِكُمْ وَمُجْتَمَعِكُمْ، فَإِنَّ فِيهَا النُّورَ وَالهِدَايَةَ، وَفِيهَا النَّجَاةُ وَالسَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
قَدْ حَفِظَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم كُلَّ أَحْوَالِ النَّبِيِّ ﷺ: أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ، نَوْمَهُ وَيَقَظَتَهُ، أَكْلَهُ وَشُرْبَهُ، مَشْيَهُ وَجُلُوسَهُ، رَحْمَتَهُ وَتَوَاضُعَهُ وَبِرَّهُ وَحِلْمَهُ، حَتَّى وَصَفُوا لَنَا خَلْقَهُ الشَّرِيفَ وَصْفًا دَقِيقًا كَأَنَّنَا نَرَاهُ.
فَمَنْ اتَّبَعَ سِيرَتَهُ نَالَ الدَّرَجَاتِ العُلَى، وَمَنْ قَصَّرَ حُرِمَ عَلَى قَدْرِ تَفْرِيطِهِ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ بِسِيرَتِهِ، الْمُقْتَدِينَ بِهَدْيِهِ.
هذا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُم وَالأَمْوَاتِ، اللهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ. إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
https://www.islam.ms/ar/?p=7025