الزنى أشد من الربا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد

سُئِلَ الرسول ﷺ أَيُّ الذُنُوبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَقَدْ  خَلَقَكَ" (أي الشرك). قيل ثُمَّ أَيّ قَالَ ﷺ: قتلُ النفسِ التي حرَّم الله إِلّا بِالْحَقِّ . قيل ثُمَّ أَيّ قَالَ ﷺ: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ.

الحديث الذي فيه: "الرِّبا بضعةٌ وستون حوبة أقلُّها الزِّنى بحليلة جارك" : لا يصح، وَإِنْ صححه بعضٌ، هذه غفلةٌ شديدة.

على هذا الكلام: جعلوا الرِّبا أشد من الزِّنى بكثير.

الزِّنى من الكبائر، لكن إذا كان بحليلة الجار يكون أشدّ، (أي معصيته أشدّ)  وهنا جعلوا الرِّبا أشدُّ من الزِّنى بينما الزِّنى هو أشدّ من أكل الرِّبا، أكل الرِّبا منزلته بعد الزِّنى.

▪️ ملاحظة: أشدُّ الذنوب هو الكُفُر، ثم قتل النفس التي حرَّم الله إِلّا بالحق، ثم بعد ذلك الزِّنى، ثم بعد ذلك تركُ الصلاة وأكل الرِّبا كما قال العلماء.

مما يجبُ التّحذيرُ مِنه ما رواه بعضُ المحدثينَ كالسّيوطيّ وغيرِه وشاعَ عندَ كثيرٍ منَ النّاسِ وهو حديثُ: الرِّبا سبعونَ بابا أهونُهَا عندَ اللهِ كالذي يَنكِحُ أُمَّهُ ". وهذا الحديثُ لا يجوز تصحُيحُه والعملُ بهِ لأنّه مُناقِضٌ لحديثِ البُخاري وغيرِه عن عبد الله بنِ مَسعُود أنه قال: قلتُ يا رسولَ الله أيُّ الذّنبِ أَعظَمُ عند الله، قال: أنْ تجعَلَ للهِ نِدًّا وهو خَلقَك" قال قلت: ثمّ أي، قال: أنْ تَقتُلَ ولَدَك خَشيَةَ أنْ يَطْعَمَ مَعَك" قال قلتُ ثمّ أي، قال: أنْ تُزانيَ حلِيلةَ جَارِك".

وهذَا مخالفٌ أيضًا لِمَا تَقرّر في نُفوسِ المسلمينَ الخواصِّ والعَوامّ مِن أنّ الزّنا أشدُّ الذُّنوبِ بعدَ الكفر والقتلِ ظلمًا.

ومثلُ هذا الحديثِ الحديثُ الآخرُ: "دِرهَمُ رِبا أَشَدُّ إثما مِن سِتّةٍ وثلاثينَ زَنْيةً" وهذا الحديثُ أوردَه ابنُ الجوزيّ في الموضُوعَات.

فَالَّذِينَ صَحَّحُوا هَذَا الْحَدِيثَ غَفَلُوا غَفْلَةً كَبِيرَةً لأِنَّهُ خَالَفَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ إِسْنَادًا. وهذانِ الحَدِيثَانِ مما يُجرّئ الناسَ عَلَى الْوُقُوعِ فِي الزِّنَى وعلى تَهوينِ أمرِ الزِّنى لأِنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهُمْ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الرِّبَا

زنى أشد من ربا ربا زنى حديث زنى وربا